كذلك [1]، فيكون الخبر [2] موضوعاً ليستعمل [3] في حكاية ثبوت معناه في موطنه، و الإنشاء ليستعمل في قصد تحققه و ثبوته و ان اتفقا فيما استعملا فيه فتأمل [4]. ثم إنّه قد انقدح الاخبارية و الإنشائية أيضا من شئون الاستعمال من دون دخلهما في الموضوع له أو المستعمل فيه، فالاختلاف بين الخبر و الإنشاء إنما هو في قصد المتكلم، و عليه فالمتكلم بكلمة - بعت - ان قصد بها الحكاية عن ثبوت نسبة البيع إلى نفسه في موطنها - و هو وعاء الاعتبار - فذلك إخبار، و ان قصد بها إيجاد البيع و نقض عدمه المحمولي بوجوده كذلك، فذلك إنشاء، فإخبارية لفظة - بعت - و إنشائيتها منوطتان بالقصد، فهما من أطوار الاستعمال.
>[1] أي: في كيفية الوضع مع اتفاقهما في نفس المعنى الموضوع له.
[2] و هو في الاصطلاح: الكلام الّذي يكون لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه، و الإنشاء كلام ليس لنسبته خارج كذلك.
[3] ليست الحكاية جزءً للمعنى، بل اللفظ يستعمل في معناه بقصد الحكاية، فالعبارة لا تخلو عن مسامحة. و بالجملة: فالمعنى في الاخبار و الإنشاء واحد، لأنّه عبارة عن نسبة المبدأ إلى الذات، فان قصد بالكلام الحكاية عن النسبة فيكون خبراً، و ان قصد به إيجادها يكون إنشاءً.
[4] لعله إشارة إلى: أنّ مجرد إمكان كون الاخبارية و الإنشائية من شئون الاستعمال من دون دخلهما في المعنى لا يستلزم الوقوع و لا يصلح لإثباته. أو إلى: أنّ هذه الدعوى لا تسمع إلاّ في خصوص الألفاظ المشتركة التي تستعمل تارة في الإخبار و أُخرى في الإنشاء كصيغة - بعت -، و أمّا المختصة بإحداهما،