فلا بد [1] من الرجوع فيما شك في تعبديته و توصليته إلى الأصل [2]، لا بد في تحقيق ذلك من تمهيد مقدمات: إحداها: الوجوب التوصلي [1] هو ما كان الغرض منه يحصل بمجرد حصول الواجب [3] و يسقط بمجرد وجوده، بخلاف التعبدي، فإنّ الغرض منه
[1] هذا متفرع على عدم الإطلاق المحقِّق لعدم الدليل الّذي هو موضوع للرجوع إلى الأصل العملي، و المراد به هنا البراءة أو الاشتغال، كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى.
[2] أي: العملي، إذ المفروض عدم الأصل اللفظي و هو إطلاق الصيغة، مع الغض عن سائر ما استدل به أيضا على التعبدية كقوله تعالى: «و ما أُمروا إلا ليعبدوا اللَّه مخلصين له الدين».
[3] هذا أحد تعريفاته و أسدها، و حاصله: أنّ الواجب التوصلي عبارة [1] هذا من الوصف بحال المتعلق و هو الواجب، لا بحال نفس الموصوف و هو الوجوب، و ذلك لأنّ التعبدية و التوصلية ناشئتان من الملاكات الداعية إلى التشريع، فإن كان الملاك القائم بالواجب - بناءً على ما عليه مشهور العدلية من قيام المصالح و المفاسد بمتعلقات التكاليف - بمثابة يحصل بمجرد وجود الواجب و لو بداعٍ غير قربي فالواجب توصلي، و إلاّ فتعبدي، فالفرق بينهما إنّما هو في الغرض القائم بالواجب، و أمّا الغرض من نفس الوجوب فهو واحد في التعبدي و التوصلي و هو دعوة المكلف إلى إيجاد المادة و نقض عدمها المحمولي بوجودها كذلك، فالوجوب التوصلي لا يغاير التعبدي أصلا. و اتضح مما ذكرنا: أنّ التعبدية من قيود المادة، فالإطلاق المبحوث عنه راجع إلى المادة لا الهيئة، فجعل هذا البحث من أبحاث الصيغة لا يخلو من المسامحة.