أنّها من الصفات الفعلية، لتعلق قدرته تعالى بها، ضرورة أنّه جلّ و علا قادر على أن يشاء و أن لا يشاء، كما يدلّ عليه ما رواه في البحار عن المحاسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: «المشية محدثة»، بخلاف العلم و نفس القدرة، فإنّهما ليسا كذلك. و كيف كان، فالروايات الواردة في المشية و ان كانت كثيرة جدا، إلاّ أنّ في نقل إحداها كفاية، و هي ما رواه في البحار عن المحاسن بإسناده عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «لا يكون شيء في الأرض و لا في السماء إلاّ بهذه الخصال السبع بمشية و إرادة و قدر و قضاء و إذن و كتاب و أجل فمن زعم أنّه يقدر على نقص واحدة منهن فقد كفر»، و مشيته تعالى تقتضي وجود الشيء كما استدلّ على ذلك بعض الأفاضل على ما في فروق اللغات لجدنا السيد الأجل شيخ مشايخ الإسلام السيد نور الدين نجل العلامة المحدث الجزائري (قدهما) بقوله تعالى: «ما شاء اللَّه كان» و على مغايرة الإرادة للمشية بقوله تعالى: «يريد اللَّه بكم اليسر و لا يريد بكم العسر» و بقوله تعالى: «و ما اللَّه يريد ظلما للعباد» إذ من المعلوم حصول العسر و الظلم بين الناس الدال على أنّ الإرادة لا تقتضي وجود المراد انتهى ملخصا. و كيف كان فالمشية منه تبارك و تعالى المتعلقة بالموجودات هي إفاضة الوجود عليها، و إنفاذ فياضيته التامة فيها، فكل موجود ينتهي وجوده إليه تعالى شأنه، و هذا الانتهاء يكون على نحوين: أحدهما: انتهاء الموجود بنفسه إلى إعمال قدرته كالذوات على اختلافها و كثرتها، و العلائق الكونية كعلاقة العلية و المعلولية، و علاقة الغايات بالمغياة و المواد و الصور و غيرها مما صيّر العالم متكوّنا بها، فإنّ هذه كلّها أفعاله سبحانه