للمذنب، و لا محمدة للمحسن، و لكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن، و لكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان، و خصماء الرحمن، و حزب الشيطان، و قدريّة هذه الأُمة و مجوسها، إنّ اللَّه تبارك و تعالى كلّف تخييراً، و نهى تحذيراً، و أعطى على القليل كثيراً، و لم يُطع مكرهاً، و لم يُملّك مفوضاً، و لم يخلق السماوات و الأرض و ما بينهما باطلا، و لم يبعث النبيين مبشرين و منذرين عبثاً، و ذلك ظنّ الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار، فأنشأ الشيخ يقول: أنت الإمام الّذي نرجو بطاعته يوم النجاة من الرحمن غفرانا أوضحت من أمرنا ما كان ملتبساً جزاك ربك بالإحسان إحسانا » تقريب دلالة هذا الخبر على الجبر هو: ظهور قول السائل: «عند اللَّه أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين» في ذلك، حيث إنّه - بعد بيان الإمام عليه السّلام: «انّ مسيرنا إلى أهل الشام كان بقضاء اللَّه تعالى و قدره» - استبعد استحقاق الأجر، و لذا قال عليه الصلاة و السّلام له: «مه يا شيخ... إلخ» و كذا قوله: «و كيف لم نكن في شيءٍ من حالاتنا مكرهين و لا إليه مضطرين و كان بالقضاء و القدر مسيرنا.. إلخ» فإنّه كالصريح في اعتقاده الجبر بعد كون مسيرهم بالقضاء و القدر، و لذا أجابه أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله: «و تظن أنّه كان قضاءً حتماً و قدراً لازماً... إلخ» و الّذي يستفاد منه أُمور: الأوّل: انقسام القضاء و القدر إلى حتميين و غير حتميين، و أنّ الموجب للجبر و اضطرار العباد في أفعالهم ليس إلاّ القسم الأوّل، ثم بيّن عليه السّلام مفاسده