إلى ما ربما لا يسعه كثير من الأفهام، و من اللَّه الرشد و الهداية و به الاعتصام.
باعتبار إلى ما منه الوجود و إلى ما به الوجود، و المراد بالأوّل: مفيض الوجود و معطيه، و هو منحصر في واجب الوجود جلّ و علا، و بالثاني: مباشر الفعل الّذي يفاض عليه الوجود و يكون مجرى فيضه، فيجري منه فيض الوجود إلى غيره، و هو منحصر في غير واجب الوجود جلّت عظمته، لإباء صرافة وجوده عن الاتحاد مع الممكنات حتى يباشر الحركات. و بالجملة: فمعطي الوجود هو الواجب تعالى شأنه، و مجرى فيض الوجود هو الممكن. و ينقسم الفاعل باعتبار آخر إلى الفاعل بالطبع، و بالقسر، و بالاختيار. و المراد بالأوّل: ما يكون فعله باقتضاء طبيعته بلا شعور و إرادة كالنار، فإنّ إحراقها ليس بإرادة و لا شعور، بل باقتضاء طبعها. و المراد بالثاني: ما يكون الفاعل بالإضافة إلى الفعل كالموضوع لعرضه، فإسناد الفعل إليه يكون بضرب من المسامحة، إذ الفاعل حقيقة غيره، كتحريك يد الغير، فإنّ مباشر التحريك هو الفاعل و يد المتحرك محل الحركة، و ليس المتحرك هو الفاعل إلاّ مسامحة. و المراد بالثالث: ما يكون صدور الفعل منه منوطاً بعلمه و قدرته و إرادته، فهذه الصفات مصحِّحات فاعليته بالفعل». إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أنّ المراد من انتهاء الفعل إلى إرادة الباري تعالى ان كان انتهاء إرادة العبد - لإمكانها - إلى إرادة اللَّه عز و جل فلا يضرّ ذلك بالفاعلية التي هي شأن الممكنات، إذ العبد بذاته و صفاته و أفعاله لا وجود له إلاّ بإفاضة الوجود من الباري تعالى، لأنّه