بالاختيار، و إلاّ [1] لَزِم تخلف إرادته عن مراده تعالى عن ذلك علواً كبيراً. إن قلت [2]: إنّ الكفر و العصيان من الكافر و العاصي و لو كانا مسبوقين بإرادتهما [3]، إلاّ أنّهما [4] منتهيان
[1] أي: و إن لم تصدر العناوين المذكورة بالاختيار - مع تعلق إرادته تعالى التكوينية بصدورها من العبد باختياره - لَزِم تخلُّف إرادته تعالى عن مراده، بداهة أنّ إرادته عزّ و جلّ تعلقت بصدور تلك العناوين باختيار العبد، فلو صدرت بدونه لزم الخلف. فالمتحصل: أنّه لا يلزم من تعلق إرادة اللَّه تعالى تكويناً بالإيمان و الإطاعة و الكفر و العصيان جبرٌ أصلا، لما مرّ من كون إرادته التكوينية على نحوين، و يلزم الجبر على أحدهما دون الآخر.
[2] غرض هذا المستشكل: عدم اندفاع إشكال الجبر بما ذكر من تأثير إرادة الكافر و المؤمن في اختيارية الكفر و الإيمان، و لذا لا يكونان كحركة المرتعش في كونهما خارجين عن الاختيار. و حاصل وجه عدم الاندفاع هو: أنّ إرادة العبد لمّا كانت من الممكنات كانت منتهية إلى إرادة الواجب تعالى شأنه التي هي واجبة، لكونها عين ذاته عز و جل فإرادة العبد المستندة إلى إرادته جلّت عظمته تكون غير اختيارية، فيقبح التكليف حينئذٍ بالإيمان و غيره، لكونه تكليفاً بأمر غير اختياري، كما يقبح العقاب على الكفر و العصيان، لأوله بالأخرة إلى ما لا يكون بالاختيار، فلم يندفع إشكال الجبر بمجرد تأثير إرادة العبد في اختيارية الكفر و الإيمان.