و عنواناً له بحيث يعد اللفظ وجوداً لفظياً للمعنى في مقابل سائر وجوداته من الكتبي و العيني و الذهني. و بالجملة: فالاستعمال إيجاد المعنى بالوجود اللفظي بحيث يعدّ المعنى هو الملقى إلى المخاطب و اللفظ مرآتاً له، حيث إنّ الاستعمال منوط بتصور كل من اللفظ و المعنى، فالوجود الذهني متحقق للمعنى قبل الاستعمال، و من المعلوم: أنّه يترتب على استعمال اللفظ فيه غير وجوده الذهني، و لا يكون ذلك إلاّ وجوده اللفظي، بداهة عدم صلاحية الاستعمال لإيجاد المعنى تكويناً في الخارج، و لا كتباً، فليس حقيقة الاستعمال إلاّ إيجاد المعنى باللفظ [1] و ليس حقيقته كون اللفظ علامة للمعنى بأن يريد المتكلم المعنى من غير ناحية اللفظ، ثم جعل اللفظ علامة على إرادته بحيث عدّ اللفظ قرينة على المراد.
[1] يمكن الاستدلال على كون حقيقة الاستعمال فناء اللفظ في المعنى بوجوه: أحدها: أنّ الوجود اللفظي من أنحاء الوجود، و حينئذٍ فإن كان الاستعمال فناء اللفظ في المعنى الموجب لصيرورته وجوداً لفظياً له تحقق للمعنى وجودٌ لفظي، و لا إشكال في ذلك، لكون اللفظ حينئذٍ هو المعنى، فتتحقق الهوهوية الاعتبارية الموجبة لصيرورة اللفظ وجوداً لفظياً للمعنى. و إن كان الاستعمال جعل اللفظ علامة للمعنى فلا يتحقق له ذلك، لأنّ الهوهوية الاعتبارية الموجبة لكون اللفظ وجوداً لفظياً للمعنى لا تتحقق حينئذٍ، لعدم الاتحاد بين العلامة و ذيها. ثانيها: أنّه لا شك في أنّ المتكلم يلقي المعاني التي يريد بيانها بالألفاظ، و إلقاؤها بها يتوقف على الاتحاد و الهوهوية بينهما، إذ ليس إلقاء أحد الأجنبيين إلقاءً للآخر، و هذه الهوهوية منوطة بكون الاستعمال فناء اللفظ في المعنى، إذ لو كان