لو كان ظهور العام في العموم أيضا إطلاقيا مثل ظهور القضية في المفهوم بناء على إمكان عدم كون العموم مستندا إلى الوضع ، وكونه مستندا إلى الاطلاق ( فلا عموم ولا مفهوم ) بل يصيران بحكم المجمل إذا كانا في كلام واحد ، لعدم انعقاد الظهور في كليهما لا العام في العموم ولا القضية في المفهوم . وأما إذا كانا في كلامين وانعقد الظهوران فيتعارضان تعارض العموم من وجه ، كما إذا كانا منطوقين . و ( أما التمسك ) لعدم جواز تخصيص عمومات الكتاب بالمفهوم المخالف بالأخبار المستفيضة بل المتواترة الواردة في عدم الاعتناء بالخبر المخالف للكتاب وأنه يجب طرحه وانه زخرف وباطل وانهم عليهم السلام ما قالوه ( ففيه ) أولا - أنه لا فرق حينئذ بين المفهوم والمنطوق ، فالمنطوق المخالف أيضا زخرف وباطل ، فلا وجه لاختصاص المنع بالمفهوم و ( ثانيا ) - أن الظاهر والمتفاهم العرفي من مخالف الكتاب هو المخالفة بالتباين أو العموم من وجه والا فالمخالف بالعموم والخصوص المطلق ليس مخالفا عندهم . و ( ثالثا ) - أنه على فرض شمولها لذلك عرفا لا بد ولا مناص من تخصيصها بما عداه ، لصدور مثل ذلك أي المخالف بالعموم والخصوص المطلق منهم عليهم السلام يقينا . ( المقصد الخامس في المطلق والمقيد ) وتوضيح هذا المبحث يحتاج إلى رسم أمور : ( الأول ) - أنهم عرفوا المطلق بأنه ما دل على معنى شائع في جنسه ، والمراد بالشيوع في الجنس شموله لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه شمولا استغراقيا أو بدليا أو مجموعيا ، وقد تقدم في باب العام والخاص أن تحقق هذه الأقسام الثلاثة من ناحية اختلاف كيفية تعلق الاحكام بالطبائع والماهيات ، وإلا فالاطلاق في جميع الأقسام الثلاثة بمعنى واحد وهو شمول المطلق لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه ( إما ) شمولا عرضيا بحيث يكون كل فرد من أفراد الطبيعة المطلقة موضوعا مستقلا للحكم في عرض سائر الافراد ، وهذا يسمى بالاطلاق الشمولي ويكون نظير العام الأصولي . والفرق بينهما هو أن العام الأصولي يكون شموله بالوضع ، والاطلاق الشمولي بمقدمات الحكمة