الأصول العقلائية وسيرتهم ، فلا يحتاج إلى حصول العلم بالعدم ، لما ذكرنا مع أن لزوم تحصيل العلم بالعدم لا يخلو عن العسر الشديد ، كما أن مطلق الظن بالعدم أيضا لا يفيد ولا دليل على اعتباره ، لان المناط والميزان في جريان الأصول العقلائية وبنائهم هو ما ذكرنا من حصول الوثوق والاطمئنان لا مطلق الظن بالعدم كما ربما يتوهم . ( لا يقال ) إن العلم بوجود المخصصات والمقيدات فيما بأيدينا من الكتب المعتبرة أيضا يدور أمره بين الأقل والأكثر ، فينحل بالظفر بالمقدار الأقل المتيقن ، فيعود الاشكال ، ( لأنا نقول ) : إن مناط تنجز المحتملات في هذا العلم هو وجود المحتمل في الكتب المعتبرة ، فلا يرتفع تأثير هذا العلم إلا بالاطمئنان بعدمه في تلك الكتب ، وفيما بأيدينا من الحجج والأدلة . ( فصل ) في أن الخطابات الشفاهية هل تختص بالحاضرين في مجلس التخاطب ولا تشمل الغائبين فضلا عن المعدومين أو لا ؟ قولان : الحق هو الثاني ، وهنا تفصيل ، وهو الفرق بين أن يكون الخطاب أي دليل الحكم مشتملا على أداة الخطاب فلا يشمل أو لا ، بل كان بصورة ثبوت حكم كلي لعامة المكلفين كقوله تعالى : ( . . . ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا . ) . فيشمل حتى المعدومين ، ولكن الأصح خروج الفرض الأخير عن محل النزاع ، لان ثبوت الحكم الكلي لطبيعة المكلفين مما لا إشكال فيه ، وشمول الطبيعة لجميع ما يمكن أن ينطبق عليه ويكون من أفراده أيضا كذلك ، لان نسبة الكلي والطبيعة إلى الافراد الموجودة والمعدومة والحاضرة والغائبة على حد سواء ، فإذا ورد الحكم عليها بوجودها الساري يسري إلى المعدومين فضلا عن الغائبين بدون شك وارتياب . فعمدة الكلام في المقام وما هو محل البحث والنقض والابرام هو أن الخطاب هل يمكن توجيهه عقلا إلى الغائبين بل المعدومين أو لا ؟ و على تقدير إمكان ذلك عقلا هل يصح استعمال أدوات الخطاب في ذلك وضعا أو يكون استعمالا عنائيا مجازيا أو