( إشكال ودفع ) ( أما الأول ) فهو أن ألفاظ المعاملات موضوعة للمسببات ، والمسببات يدور أمرها بين الوجود والعدم ، ولا تتطرق إليها الصحة و الفساد ، فلا يبقى مجال للنزاع في أن النهي في المعاملات يدل على الفساد أو لا ؟ . ( وأما الثاني ) - أي الدفع - فهو أن العقود آلات لانشاء المعاملات ، فالمنشئ يوجد المعاملة بتلك الآلة غاية الامر آلية تلك الآلات تشريعية لا تكوينية كالقدوم للنحت ، فمعنى النهي عن معاملة هو النهي عن إيجادها بتلك الآلة ، فيبقى المجال للتكلم في أنه هل مثل هذا النهي يدل على عدم ترتب الأثر على مثل هذا الايجاد بمثل تلك الآلة أو لا ؟ فمن يقول بأن النهي يدل على الفساد يقول بعدم ترتيب الأثر على مثل ذلك الايجاد ، ومن يقول بعدم دلالته على الفساد يقول بترتيب أثر تلك المعاملة على ذلك الايجاد . ثم إنهم اختلفوا في أن الصحة والفساد هل هما مجعولان بالجعل الاستقلالي التشريعي كالملكية والزوجية ، أو منتزعان عن مطابقة المأتي به للمأمور به في العبادات ، ولما جعل موضوعا للأثر بمعنى أن الشارع رتب الأثر عليه في المعاملات . والحق هو الثاني ، وذلك من جهة أن أثر الصحة ونتيجتها في العبادات هو الاجزاء وعدم لزوم الإعادة والقضاء . وهذا يترتب على مطابقة المأتي به للمأمور به . وفي المعاملات هو ترتيب أثر تلك المعاملة على المأتي به في الخارج ، فالصحة في كلا البابين تنتزع من تلك المطابقة ، كما أن الفساد أيضا ينتزع من عدم تلك المطابقة . و نفس المطابقة أمر تكويني وليست من المجعولات في عالم الاعتبار . نعم ربما يحكم الشارع بالمطابقة الظاهرية في بعض الموارد مع الشك فيها واقعا ، كما في موارد قاعدة الفراغ والتجاوز وأصالة الصحة بجعل الموجود بدلا عن الواقع التام ، أو بالتوسعة في مقام الامتثال ، ففي مثل هذه الموارد يمكن أن يقال بأن منشأ انتزاع الصحة مجعول شرعي وإلا ففي غالب الأحيان لا هما مجعولان ولا منشأ انتزاعهما .