الاختيار كالمحبوس في الأرض أو الدار المغصوبة ، وأخرى يكون بسوء اختياره كالمتوسط فيها اختيارا وعدوانا . ففي القسم الأول يسقط النهي بواسطة الاضطرار ، فلا يبقى مانع عن امتثاله ، إذ ليس مانعية النهي النفسي مثل مانعية النهي الغيري بحيث يكون لعدم المنهي عنه دخل في ملاك الشئ ، وذلك كلبس الذهب والحرير للرجال ، ولبس غير المأكول مطلقا ، حيث أن ملاك الصلاة لا يحصل مع وجود هذه الأمور ، بل تكون مانعيته من جهة عدم إمكان التقرب بالمبغوض أو عدم وجود الملاك بواسطة وجود النهي ، فإذا سقط النهي بواسطة الاضطرار فلا مبغوضية في البين ، ويستكشف الملاك من الاطلاقات التي كانت مقيدة بواسطة وجود النهي حتى بناء على الامتناع ، لأنه لا مقيد بعد سقوط النهي ، فكأنه لم يكن من أول الامر . و ( أما القسم الثاني ) - أي فيما إذا كان الاضطرار بسوء الاختيار كالاضطرار إلى الخروج للتخلص عن الغصب - فقد وقع الكلام و اختلفت الآراء في مثل هذا التصرف والصلاة التي تقع في ضمنه ، أما حكمه التكليفي فقيل بأنه يقع عصيانا للنهي المتوجه إليه بترك الغصب مطلقا ، سواء كان التصرف هو التصرف الدخولي أو البقائي أو الخروجي إذ كان يمكنه ترك جميع هذه التصرفات في أول الامر بترك الدخول ، وهو بسوء اختياره جعل ترك هذا التصرف ممتنعا على نفسه والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار . وبناء على هذا يكون الخروج حراما يعاقب عليه ، ونسب إلى أبي هاشم المعتزلي و المحقق القمي ( ره ) وجوبه أيضا ، لكونه مصداقا للتخلص الواجب و ترك العدوان ورفع اليد عن مال الغير ورده إليه ، ففي الحقيقة هاهنا قولان : ( أحدهما ) - أنه حرام فعلا فقط . و ( ثانيهما ) - أنه مع ذلك واجب أيضا . وكلا القولين في غاية السخافة ، لان النهي الفعلي مع عجز المكلف قبيح عقلا لا يمكن أن يصدر عن الحكيم ، بل بناء على ما أشرنا إليه سابقا في الامر أنه عبارة عن البعث إلى أحد طرفي المقدور ، فالنهي أيضا - حقيقة - عبارة عن