تحقق اللحاظ الخاص في الذهن عند السامع . وعليه ، فكون المعنى الحرفي ايجاديا يصح أن يكون بلحاظ انه من سنخ الوجود غير القابل للخطور والتصور ، وأن يكون بلحاظ انه بذكر الحرف يوجد المعنى ويحدث في ذهن السامع ، لا انه - اي الحرف - يوجب تصور معنى ومفهوم ما والانتقال إليه كغيره من الألفاظ . فهي ايجادية بالنسبة إلى المتكلم بالمعنى الأول وبالنسبة إلى السامع بالمعنى الثاني . ودلالة الحرف على المعنى في ذهن المتكلم لا تكون من باب دلالة المفهوم على مصداقه والعنوان على معنونه ، بل من باب حكاية الفرد عن الفرد المماثل الاخر ، وهكذا دلالته على النسبة الخارجية والربط الخارجي . الركن الثاني : ان المعاني الحرفية لا واقع لها بما هي معان حرفية في غير التراكيب الكلامية ، بمعنى انه لا مفهوم لها متقرر في وعائه يتعلق به الوجود الذهني ، بخلاف المعاني الاسمية فإنها مفاهيم لها تقرر في عالم المفهومية ، وقد اتضح ذلك ببيان ايجادية الحروف ، فان ذلك لازم كونها ايجادية ومن سنخ الوجود ، فإنه لا واقع لها حينئذ غير واقع الوجود ، وليست المعاني الاسمية كذلك ، بل واقعها غير واقع الوجود ، ولذا لا تنعدم بانعدام التصور واللحاظ . الركن الثالث : ان المعنى الحرفي مغفول عنه وغير ملتفت إليه بخلاف المعنى الاسمي . ووجهه : ان المعنى الحرفي بعد أن كان من سنخ اللحاظ والتصور وكيفية من كيفياته ولم يكن من المفاهيم المتقررة كان غير قابل لتعلق اللحاظ الاستقلالي به والالتفات إليه ، لان اللحاظ في ظرفه غير ملتفت إليه أصلا ومغفول عنه والالتفات لنفس الملحوظ ، فما يكون من سنخ اللحاظ ومن كيفياته كالنسبة والربط لم يكن قابلا للالتفات كما هو ظاهر جدا .