أحدهما : ان الانشاء جعل المنشأ وايجاده ، فنسبة الانشاء إلى الحكم نسبة الايجاد إلى الموجود ، فإذا كان المنشأ مما يستحيل تحققه لما عرفت ، امتنع ايجاده وتحقيقه ، إذ الايجاد لا يتعلق بالمحال ، والمفروض ان الانشاء يتعلق بالأحكام الشرعية . ثانيهما : ان باب انشاء الاحكام على موضوعاتها ليس من باب الفرض والتقدير المحض كالخيال نظير : ( أنياب الأغوال ) كي يقال إنه خفيف المؤنة ولا يستدعي أكثر من تصور الموضوع والحكم ، بل إنما ينشأ الحكم على فرض وجود موضوعه بلحاظ مرآتية هذا المفروض عن الخارج بحيث يكون الملحوظ حال الانشاء ملحوظا طريقا للخارج فيرتب عليه الحكم . وعليه ، فلا بد ان يفرض وجود الموضوع ومنه العلم بالحكم في مقام الانشاء ، وفرض وجود العلم بالحكم فرض وجود نفس الحكم فيلزم أن يكون الحكم مفروض الوجود قبل وجوده وهو محذور الدور وإن لم يكن دورا بنفسه . هذا بالنسبة إلى العلم بالحكم ونحوه مما يترتب في وجوده على وجود الحكم . وليس هذا هو محور الكلام بل هو تمهيد إلى ما نحن فيه من امتناع أخذ قصد امتثال الامر في متعلقه . ولذلك شرع ( قدس سره ) بعد بيان ما عرفت في بيان امتناع أخذ قصد الامر في متعلق التكليف . ولا بد قبل الشروع في بيان ما أفاده في هذا الموضوع من بيان شئ ، وهو : ان ما يكون في المرتبة السابقة على الامر على نحوين : متعلق وموضوع . ويصطلح بالمتعلق على ما يكون التكليف داعيا إليه وملزما للعمل والاتيان به ، نظير الصلاة في : ( صل ) ، فان الامر يدعو إليها ولا بد من اتيانها بمقتضى الامر . ويصطلح بالموضوع على ما يكون في رتبة سابقة على الامر ولا يدعو الامر إليه ولا يلزم الاتيان به ، بل الحكم يحصل في فرض وجوده سواء كان غير اختياري ، كالوقت بالنسبة إلى الصلاة فإنه تجب الصلاة في الوقت ، فالذي لا بد من الاتيان به هو ايقاع الصلاة في الوقت اما