الفاعل الزماني لا بد أن يكون في الزمان الماضي كما أن ترقبه منه يلازم صدوره منه فعلا أو بعد حين في الزمان المستقبل . ولكنه يشكل ذلك : بان الفعل المضارع قد يستعمل في مورد لا يشتمل فيه على هذه الخصوصية بلا مسامحة ولا عناية ، مثل قول القائل : ( إني أترقب أن يعلم زيد ، أو يأكل ، أو يسافر ) ، فإنه لا معنى لاشتمال الفعل في مثل المثال على خصوصية الترقب ، إذ يكون المعنى معه ( إني أترقب ترقب علم زيد ) وهو غير مقصود بلا كلام . وقيل : إن الخصوصية ليست هي التحقق في الماضي والترقب في المضارع كي يرد هذا الاشكال ، بل هي بالنسبة التحققية في الماضي والنسبة الترقبية في المضارع ، بمعنى ان مدلول المضارع هو النسبة القابلة لورود الترقب عليها والتي من شأنها تعلق الترقب بها ، كما أن مدلول الماضي هو النسبة التحققية شأنا لا فعلا . وأنت خبير : بان هذا ليس تفريقا وبيانا لجهة الفرق بل هو عين المدعى ، إذ المطلوب بيان الجهة الواقعية التي بها كانت النسبة المدلولة للفعل الماضي هي غير النسبة المدلولة للفعل المضارع والكشف عن حقيقة الخصوصية المفرقة ، وما ذكر لا يفي بذلك ، إذ هو لا يعدو كونه بيانا لان مدلول الماضي والمضارع هو النسبة ولكنها مختلفة فيهما بخصوصية ما بلا بيان لتلك الخصوصية ، وظاهر ان هذا هو عين التسائل السابق الذي صرنا في مقام الإجابة عنه . فلاحظ جيدا . فالتحقيق ان يقال : ان الخصوصية التي يدل عليها الفعل الماضي الملازمة للزمان في الزمانيات هي السبق ، فهو يدل على سبق تحقق النسبة ، والخصوصية التي يدل عليها الفعل المضارع هي اللحوق ، فهو يدل على لحوق تحقق النسبة . وتوضيح ذلك : ان السبق واللحوق لا يتقومان بالزمان كما قد يتوهم