كان من الأمور الاعتبارية الا ان كون هذا السبب مقتضيا للاعتبار أمر تابع لما يراه العقلاء من مصالح ومفاسد ومقتضيات قائمة بالسبب ، وليس أمرا جزافا ، وإلا لكان على حد المعلول بلا علة . وعليه ، فالعقول متفاوتة في ادراك المصالح والمفاسد ، ولا ريب ان نظر العرف يقصر عن ادراك خصوصيات الأمور ودقائقها ، فقد يرى بحسب نظره القاصر صلاحية الشئ للتأثير ولكونه سببا للاعتبار ، ولكن يرى الشارع بحسب نظره الواسع الدقيق عدم صلاحية ذلك الشئ للسببية وخطأ العرف في نظره فيخطؤه فيه ، فالتخطئة والتصويب في هذه المرحلة دون غيرها ، ويكون المراد من عبارة الكفاية هو تخطئة الشارع العرف في الوجه الباعث على جعل الشئ سببا لا في نفس السبب ولا المسبب [1] . ولكن عرفت أن عبارة الكفاية - بناء على ما حملناها عليه من المعنى - لا تحتاج إلى هذا التكلف ، بل التخطئة والتصويب في تشخيص مصداق الموضوع له وهو العقد المؤثر ، ولو كان الأثر من الأمور الاعتبارية . واما المقام الثاني : فظاهر صاحب الكفاية كون الموضوع له هو الصحيح بالمعنى الذي ذكرناه ، وهو العقد الحاوي لجميع جهات التأثير ، بحيث يترتب عليه الأثر من قبل العقلاء بمجرد الالتفات إليه . ولكن الانصاف عدم تمامية هذه الدعوى ، فان المرتكز في الأذهان من اللفظ هو المعنى الأعم من الصحيح والفاسد ، فان اطلاق لفظ البيع على بيع الغاصب الذي لا يرى العرف نفوذه لا يختلف عرفا عن اطلاقه على بيع المالك في كون اطلاق كل مهما حقيقيا لا مسامحة فيه ، وهذا أمر لا يقبل الانكار بحسب الظاهر ، ولا نعرف الوجه الذي به نفى صاحب الكفاية استبعاد الوضع للصحيح . .
[1] الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين . نهاية الدراية 1 / 59 - الطبعة الأولى