أحدهما القول أو الفعل المقصود به ايجاد المعنى في وعائه المناسب له ، كالايجاب والقبول أو إشارة الأخرس . ثانيهما : المعنى المقصود ايجاده كالملكية الحاصلة بعقد البيع أو التمليك - إذ لا فرق بينهما ذاتا ، بل الاختلاف اعتباري كالاختلاف بين الايجاد والوجود - ويصطلح على الأول - أعني ما يستعمل لغرض ايجاد المعنى به في عالم الاعتبار - سبب ، لأنه يتسبب به إلى حصول المعنى وبدونه لا يحصل . كما يصطلح على الثاني مسبب ، لأنه يحصل بالعقد وينشأ من حصوله ، فهو مسبب عن العقد لترتبه عليه كما يترتب المسبب على السبب . وإذا عرفت المراد من المسبب وانه الملكية أو التمليك ونحوهما ، يتضح الوجه في عدم جريان النزاع لو قيل بالوضع للمسبب ، وذلك لان جريان النزاع انما يجري في المورد القابل للاتصاف بالصحة والفساد بان يكون له وجودان أحدهما يترتب عليه الأثر والاخر لا يترتب عليه الأثر ، إذ يقال حينئذ بان اللفظ موضوع لخصوص ما يترتب عليه الأثر أو للأعم منه ومن غيره . اما ما لا يقبل الاتصاف بهما لعدم تعدد نحو وجوده ، بل ليس له إلا نحو وجود واحد فلا مجال للنزاع فيه في الوضع للصحيح أو للأعم ، إذ هو لا يقبل الصحة والفساد بل الوجود والعدم ، وما نحن فيه كذلك ، لان الملكية لا تتصف بالصحة والفساد ، إذ ليس لها نحو وجود ، بل هي ان وجدت ترتبت عليها الآثار العقلائية والا فهي معدومة ، فأمرها دائر بين الوجود والعدم ، لا بين الصحة والفساد . وهذا هو الوجه العرفي الواضح لبيان عدم جريان النزاع لو قيل بوضع اللفظ للمسبب ، فلا حاجة إلى تكلف الدقة في بيانه ، كما نهجه المحقق الأصفهاني ، وان كان ما ذكره متينا في نفسه ، فراجع حاشيته على الكفاية [1] . .
[1] الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين . نهاية الدراية 1 / 57 - الطبعة الأولى