جملة كلام له على أنا نقول الإجماع مثلا و إن كان علميا إلا أنه لا يكاد ينفعنا في المسائل إلا بضميمة أمر ظني إذ لا يكاد يثبت منه إلا أمر إجمالي مثلا الإجماع واقع على وجوب الركوع في الصّلاة و أمّا حدّ الركوع و واجباته و محرّماته و مفسداته و سائر أحكامه فإنما يثبت بأصل البراءة أو أصل العدم أو الحديث أو أمثال ذلك فظهر أن طريق معرفة الأحكام كاد أن ينحصر في الظني على أنه لو تحقق طريق علمي ينفعنا في بعض المواضع بالاستقلال فلا يبعد أن لا يكون مما يتعلق به الاجتهاد منحصرا في الظني نعم ربّما يحصل العلم من تعاضد الأمارات و الأدلة انتهى و فيه نظر و أما العقل فلأنا لم نجد منه ما يدلّ على الحكم الواقعي بنفسه من غير ضمّه إلى مقدّمة أخرى نقلية و أمّا المنضم إليها فلا يحصل منه العلم لما عرفت سابقا فقد ظهر ممّا ذكر أن ما عدا الضّروري من الأحكام الشرعية الفرعية لا يكون معلوما كما صرّح به في المعالم و فيه نظر للمنع من انحصار القطعي منها في الضروري بل قد يحصل العلم بالحكم الشرعي الفرعي و لم يبلغ إلى حدّ الضرورة كما أشار إليه جدي البهبهاني في حاشية المعالم المنسوبة إليه فقال بعد الإشارة إلى ما في المعالم ما ذكره فاسد بالبداهة إذ ربّما يمكن إثبات بعض ما ليس ضروريّا بالمتواتر سيّما المتواتر بالمعنى بل لا تأمل في الإثبات و تحققه كثيرا و أمّا الإجماع ففي كثير من المواضع يثبت من التتبع و التطلع و التظافر و التساوي من فتاوى الفقهاء و ربّما انضم إليها القرائن من الأخبار و القرآن و العقل و ربّما نقل الإجماع بحد التواتر مثل الإجماع على اشتراط الإذن الخاص في وجوب صلاة الجمعة و ربما انضم إلى الإجماع المنقول قرائن أخر مفيدة لليقين بل و ربما انضم إلى الإجماع المنقول بخبر الواحد أمثال ما ذكر إلى حد حصل اليقين و ربما يحصل اليقين من خبر الواحد المحفوف بالقرائن سيما إذا استفاض و بلغ حد الكثرة في الاستفاضة و أما أصالة البراءة في الموضع الَّذي لا يكون دليل على التكليف و لا ظن به أصلا فهي من اليقينيات كما حققنا في رسالتنا المكتوبة في أصالة البراءة للأخبار المتواترة و القرآن و الإجماع المنقول من كثير من الفقهاء و اتفاق فتاويهم في ذلك بل و حصول ( يحصل ) القطع من ملاحظة طريق الرسول صلى الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام بالنسبة إلى المكلَّفين في تكاليفهم إلى غير ذلك و بالجملة من ادعاه من الانسداد مخالف للوجدان في كثير من المواضع انتهى و بالجملة الإنصاف أن المقطوع به من الأحكام الشرعية الفرعية لا ينحصر في ضروري الدين أو المذهب بل قد يتحقق في غيره أيضا نعم هو في غاية القلَّة و نهاية الندرة كضروري الدين و المذهب فمعظم الأحكام الشرعية الفرعية مما لم يتمكن من العلم به قطعا و الدليل يتم على هذا التقدير أيضا و لا يختص تماميته بما ادعاه في المعالم من انحصار القطعي في الضروري كما لا يخفى و قد صرّح بقلَّة المقطوع به في الأحكام الشرعية الفرعية و بأن جميعها ليس بمقطوع به في جملة من الكتب ففي رسالة الاستصحاب لجدي العلامة البهبهاني قدس سره و سدّ باب اليقين بتفاصيل تلك الأحكام قطعي وجداني لأن المعلوم بالظاهر و الإجماع ليس إلا أمرا إجماليا و هو قدر مشترك بين خصوصيّات لا بد من اعتبارها حتى ينفع ذلك الإجمالي و تعيّن ذلك المشترك بصيرورته حكم الشرع بالنسبة إلى أفعالنا مثلا إنّ الصّلاة واجبة علينا لكن معرفة كل واحد من أجزائها و شرائطها و مصحّحاتها و مبطلاتها و أحكام الشك و السّهو و غير ذلك مما لا يحصى كثرة و كتبها الفقهاء من أول كتاب الطهارة إلى كتاب الصّلاة إنما يكون بأخبار الآحاد و ظواهر القرآن و الإجماع المنقول بخبر الواحد و غيرها من الظنون و مع ذلك لا محيص في العمل بخبر الواحد و ما ماثله من اعتبار أصل العدم و أصل البقاء و مثل أصالة عدم السقوط و التبديل و التحريف و النقل و غير ذلك من الظنون مثل قول اللغوي و الأمارات الظنية أو غيرهما مما هو معلوم و قد فصّلنا بعض تفصيل في رسالتنا في الاجتهاد و الأخبار و بالجملة رفع اليد عن الظنون بالمرة يوجب رفع الشّرع بالمرة و تحقق إجماع يقيني على اعتبار خصوص ظن يقينا اعتباره في تحقق الشرع لنا غير معلوم و من أراد البسط و التفصيل فعليه بالرجوع إلى الرسالة و مع ذلك مشاهد محسوس أن المدار على الظنون و البناء إنما هو عليها حتى الذي ينكر حجية كلّ ظن للمجتهد ليس مداره إلا عليه و إن كان ينكر باللسان ثم قال إن الأخباريين يوجبون العمل بالمقطوع به و إلا فالتوقف أو الاحتياط و فيه ما فيه لانسداد باب القطع بالبديهة و الوجدان من جهة سند الأخبار و متنها و دلالتها و تعارض بعضها مع بعض آخر و مع دليل آخر و عدم القطع بالعلاج إلى غير ذلك مما ذكرنا في الرسالة و أثبتنا مشروحا فساد قولهم و أنه شبهة في مقابلة البديهة و لو تيسر القطع لكان المجتهدون أيضا لا يجوزون العمل بالظن بل مع الظن الأقوى لا يجوزون العمل بالظن الأضعف فضلا عن العلم ثم قال و بالجملة كون المدار في الفقه على الظن في أمثال زماننا من المسلمات عند الفقهاء و لذا عرفوا الاجتهاد المرادف للفقه بما عرفوا بل هو من البديهيات و المحسوسات حتى أن خبر الواحد الَّذي هو العمدة في أساس الفقه نقل إجماع الشيعة على عدم حجيته بل و كون العدم من ضروريات مذهبهم بل من الشيعة من كان يستحيل التعبد به و أهل السنة في كتبهم الأصولية نسبوا المنع عنه إلى الشيعة و تتبع كتب متكلَّمي الشيعة من قدمائهم يكشف عن صحة النسبة و أكثر فقهائنا القدماء كانوا كذلك و إن كان يظهر من كلام الشيخ خلاف ذلك و يظهر من بعض القدماء أيضا و ربّما يظهر أن محدثي الشيعة كانوا يرون الجواز و كيف كان لا يحصل اليقين بإجماعهم على الحجية و على تقدير التسليم كان مشربهم مختلفا في اعتبار ما هو الحجة فلا