responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 435


هل يشترط عدد مخصوص في إفادته العلم قال الأكثرون لا الثاني أن ذلك ممكن و يشترط فيه العدد و هو لطوائف يأتي إليهم الإشارة و المعتمد عندي ما عليه الأكثر و لهم ما تضمنه جملة من الكتب ففي المعارج ليس للتواتر عدد محصور لنا أنا نحكم بوجود البلاد و الوقائع عند الإخبار من غير تنبه للعدد فلو كان العدد شرطا لتوقف العلم على حصوله و لعل الهمة لو صرفت إلى دركه لأمكن و لكن بعد صعوبة و تحقيقه أنا إذا سمعنا بخبر واحد فقد أفادنا ظنا ثم كلما تكرّر الإخبار بذلك قوي الظن حتى يصير الاعتقاد علما فعند ذلك إن ضبط العدد كان ذلك هو المعتبر لأن الإخبار هو المقتضي للعلم و السبب لا يختلف بحسب محاله إذا كان تاما و في النهاية ظن قوم لحصول العلم عقيب خبر التواتر شرط عدد معيّن و ليس بحق فإن العلم هو القاضي بعدد الشهادات دون العكس فرب عدد يفيد العلم في قضية و لشخص و لا يحصله مع مثله في تلك القضية لغير ذلك الشخص أو في غيرها له ثم قال بعد نقل أقوال أهل العدد و الحق خلاف ذلك كله و أنه لا ضابطة في ذلك و لا عدد معلوم فيه فإنه لا عدد يفرض إلا و يمكن عقلا صدور الكذب منه و أن الناقص عنه بواحد و الزائد بواحد لانتفي عنه جواز الكذب لا يقال إذا كان العلم معرفا لكمال العدد لم يمكن الاستدلال على الخصم لأنا نقول لا يستدلّ على حصول العلم في التواتر بل المرجع فيه إلى الوجدان و في المنية لا يشترط العدد لأن كثيرا من الأعداد قد يحصل العلم بخبره تارة و قد يختلف عنه أخرى و في غاية المأمول العدد المفيد للتواتر لا ينحصر في الحد المشاهد إذ لا عدد يفرض إلا و يمكن عند العقل صدور الكذب عنه و أن الناقص بواحد أو اثنين لا يتمشى في جواز الإقدام على الكذب بل الضابط حصول العلم من غير تقييد بعدد مخصوص و ذلك بأن يعتبر السامع حال نفسه فإن إفادة الخبر علما بالمخبر عنه علم أنه متواتر و إلا فلا و ذلك يختلف باختلاف قرائن الأحوال و التعريف و أحوال المخبرين و إدراك السّامعين و في الإحكام منهم من قال أقل عدد يحصل منه العلم معلوم للَّه تعالى غير معلوم لنا و هو المختار و ذلك لأنا نجد من أنفسنا معرفة العدد الذي حصل علمنا بوجود مكة و بيتها و غير ذلك من المتواترات عنده و لو كلفنا أنفسنا معرفة ذلك عند توارد المخبرين بأمر من الأمور يترقب الحال التي تكمل علمنا فيها بزائد ظنا بخبر واحد بعد و إن لم نجد إليه سبيلا عادة كما لم نجد في أنفسنا العلم بالحالة التي يحصل فيها كمال عقولنا بعد نقصها بالتدريج الخفي لقصور القوة القسرية عن الوقوف على ذلك بل لم يحصل لنا العلم بخبر التواتر و إن كنا لا نقف على أقل عدد أفاده كما نعلم حصول الشبع بأكل الخبز و الرّي بشرب الماء و إن كنا لا نقف على المقدار الذي حصل به الشبع و الري و ما قيل من الأقاويل في ضبط عدد التواتر فهي مع اختلافها و تعارضها و عدم مناسبتها و ملائمتها للمطلوب مضطربة فإنه ما من عدد يفرض حصول العلم به لقوم إلا و يمكن فرض خبرهم بعينه غير مفيد للعلم بالنظر إلى آخرين بل و لو أخبروا بأعيانهم بواقعة أخرى لم يحصل بها العلم لمن حصل لهم العلم بخبر الأول و لو كان ذلك العدد هو الضّابط لحصول العلم لما اختلف و إنما وقع الاختلاف بسبب الاختلاف في القرائن المقترنة بالخبر و قوة سماع المخبر و فهمه و إدراكه للقرائن و بالجملة فضابط التواتر ما حصل العلم عنده من أقوال المخبرين لأن العلم مضبوط بعدد مخصوص و على هذا فما من عدد يفرض كان أربعة أو ما زاد إلا و يمكن أن يجعل به العلم و يمكن أن لا يحصل و يختلف ذلك بالقرائن و ما ذكر في كل صورة من أن يعين ذلك العدد فيها إنما كان بحصول العلم بخبرهم تحكم لا دليل عليه بل أمكن أن يكون حينئذ لأغراض أخر غير ذلك أو أن ذلك قد وقع بحكم الاتفاق و على قولنا بأن ضابط التواتر حصول العلم عنده و نمنع الاستدلال بالتواتر على من لم يحصل له العلم منه و إنما المرجع فيه إلى الوجدان و في شرح المختصر للعضدي قيل غير منحصر في عدد مخصوص بل قد يختلف و ضابطه ما يحصل العلم و هو المختار لأنا نقطع بحصول العلم بما ذكر من المتواترات من غير علم بعدد مخصوص لا متقدّما و لا متأخرا أي لا قبل حصول العلم كما يقتضيه رأي من يقول إنه نظري و لا بعده على رأينا و لا سبيل إلى العلم به عادة لأنه يتقوى الاعتقاد بتدريج كما يحصل كمال العقل بتدريج خفي و القوة البشرية قاصرة عن ضبط و نقطع أيضا أن يختلف بالقرائن الَّتي يتفق فيه التعريف غير زائدة على المحتاج إليها في ذلك عادة من الجزم و تقدير آثار الصدق و باختلاف اطلاع المخبر على نقلها عادة الملك بأحواله الباطنة و باختلاف إدراك المستمعين و فطنتهم و باختلاف الوقائع و تفاوت كل واحد منها يوجب العلم بخبر عدد أكثر أو أقل لا يمكن ضبطه فكيف إذا تركت الأسباب و في المستصفي إذا قدرنا انتفاء القرائن فأقل عدد يحصل به العلم الضروري معلوم للَّه تعالى و ليس معلوما لنا و لا سبيل إلينا أنه كان يعد خبر المائة أو المائتين و يعسر علينا تحرير ذلك و إن تكلَّفنا فسبيل التكليف أن نراقب أنفسنا إذا قتل رجل في المشرق مثلا و انصرف جماعة عن موضع القتل و دخلوا علينا يخبرون عن قتله فإن قول الأول يحرك الظن و قول الثاني و الثالث يؤكده و لا يزال يتزايد تأكيده إلى أن يصير ضروريا لا يمكننا أن نشكك فيه أنفسنا فلو تصور الوقوف على اللحظة التي يحصل العلم فيها ضرورة و حفظ حساب المخبرين و عددهم لأمكن الوقوف على اللحظة عسير أيضا فإنه يتزايد قوّة الاعتقاد تزايد أخفي التّدريج نحو تزايد عقل الصّبي المميّز إلى أن يبلغ حد التكليف و نحو تزايد ضوء الصّبح إلى أن ينتهي حدّ الكمال فلذلك بقي هذا في غطاء من

435

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 435
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست