الماضية مثل كسرى و قيصر و الفضلاء المشاهير كأفلاطون و أرسطو أولا إنكار العلم بذلك لا يقصر عن العلم بالمشاهدة و لا طريق لنا بذلك و المنكر لذلك كالمنكر للمشاهدات فلا يستحق الكلام و في المعالم لا ريب في إمكانه و وقوعه و لا عبرة بما يحكى من خلاف بعض ذي الملل الفاسدة في ذلك فإنه بهت و مكابرة لأنا نجد العلم بالمحسوسات لا فرق بينهما يعود إلى الجزم و ما ذلك إلا بالإخبار قطعا و في غاية المأمول لنا أنا نجزم بوجود البلدان النائية و الأمم الخالية جزما مساويا لجزمنا بالمشاهدات و المنكر لذلك مكابر و في زواهر الحكم لا شك أن العلم الحاصل بالتواتر علم جزم و يقين لا يقبل الشك و لا يتطرق إليه الشبهة إذا لم يكن في أطرافه و لا أوساطه سبيل لتجويز الكذب فقد بقي الصدق ضرورة كعلمنا بالملوك الماضية و القرون السالفة و البلاد البعيدة و غير ذلك من الأسباب التي ليست بشهيدة و في الإحكام دليل ذلك ما يجده كل عاقل من نفسه من العلم الضروري بالبلاد النائية و الأمم الماضية و القرون الخالية و الملوك و الأنبياء و الأئمة و المشاهير و الوقائع الجارية بين السّلف الماضين بما يرد علينا من الأخبار حسب وجداننا العلم بالحسيات عند إدراكنا لها بالحواس و من أنكر ذلك فقد سقطت مكالمته و ظهر خبوثه أو مجاحدته و في المستصفي للغزالي أما إثبات كون المتواتر مفيدا للعلم فهو ظاهر خلافا للسمنية حيث حصروا العلوم في الحواس و أنكروا هذا و حصرهم باطل و إنا بالضرورة نعلم استحالة كون الألف أقل من الواحد و استحالة كون الشيء قديما و أمور أخر ذكرناها في مدارك اليقين سوى الحواس بل نقول حصرهم العلوم في الحواس معلوم و ليس ذلك مدركا بالحواس الخمس ثم لا يستريب عاقل أن في الدنيا بلدة تسمّى بغداد و إن لم ندخلها و لا شك في وجود الأنبياء و لا في وجود الشافعي و أبي حنيفة بل في الأول و الوقائع الكثيرة فإن قيل لو كان هذا معلوما ضرورة لما خالفناكم قلنا من يخالف في هذا فإنما يخالف بلسانه أو عن خبط في عقله أو عناد و لا يصدر هذا من عدد كثير يستحيل في العادة عنادهم و لو تركنا ما علمنا ضرورة بقولكم للزمكم ترك الحسيات ليست خلاف السّوفسطائية و في شرح المختصر للعضدي قول السمنية بهت فإنا نجد من أنفسنا العلم الضروري بالبلاد النائية كمكة و مصر و الأمم الخالية كالصّحابة و الأنبياء و الخلفاء كما نجد العلم بالمحسوسات لا فرق بينهم فيما يعود إلى الجزم و ما ذلك إلا بالأخبار قطعا و قريب من ذلك في شمع اليقين و سرماية الإيمان و في التهذيب إنكار السمنية إفادة التواتر العلم ضروري البطلان و في المعارج و ما يورده السمنية من الشبه فهو تشكيك على الضروريات فلا يستحق الجواب و في الزبدة شبهة السّمنية واهية و للقول الثاني وجوه منها ما أشار إليه جماعة من أنه يجوز الكذب على كلّ واحد من المخبرين فيجوز على الجملة إذ لا ينافي كذب واحد كذب الآخرين و لأن المجموع مركَّب من الآحاد بل هو نفسها و إذا فرض كذب كل واحد فقد كذب الجميع و مع وجوده لا يحصل العلم و أجاب عنه في النهاية و التهذيب و المنية و المعالم و غاية المأمول و الإحكام و شرح المختصر و المواقف و شرحه بأن تجويز الكذب على كل واحد لا يستلزمه على الجميع و بأنه قد يخالف حكم الجملة حكم الآحاد فإن الواحد جزء العشرة و هو بخلافها و العسكر متألف من الأشخاص و هو يغلب و يفتح البلاد دون كل شخص على انفراده و زاد في المنية فقال و لا يلزم انقلاب الجائز ممتنعا إذ المحكوم عليه بجواز الكذب خبر الواحد حال انفراده و بعدمه خبر المجموع و أحدهما غير الآخر و أيضا فإنا غرضنا بما أفاد العلم فما لا يكون مفيدا للعلم لا يكون متواترا و منها ما ذكره جماعة من أنه يلزم تصديق اليهود و النّصارى فيما نقلوه عن موسى و عيسى من تصريحهما بنفي النّبوة بعدهما و قولهما لا نبي بعدي و هو ينافي نبوة محمد صلى الله عليه و آله فيكون باطلا و أجاب عنه في النّهاية و المعالم و غاية المأمول و شرح المختصر بأن نقل اليهود و النصارى لم يحصل بشرائط التواتر فلذلك لم يحصل العلم و زاد في النهاية فقال تواتر اليهود انقطع في قصة بخت النّصر و النصارى لا تواتر لهم في المبدإ لقلَّتهم جدّا و في الأحكام إنما يصح أن لو قلنا إن العلم يحصل من خبر كل جماعة و إن خبر كلّ جماعة تواتر و ليس كذلك و إنما دعوانا أن العلم لا يحصل من خبر الجماعة و لا يلزم أن يكون خبر كلّ جماعة محصّلا للعلم و منها ما ذكره جماعة من أنه كاجتماع الخلق الكثير على أمر و أنه ممتنع عادة لاختلافهم في الأمزجة و الأخلاق و الآراء و الأغراض و قصد الصدق و الكذب فكما لا يتصور اتفاق الخلق على أكل طعام واحد معيّن و اتفاق أهل بلد على محبّة الخير و الشر كذا لا يتصور اتفاقهم على الصّدق و أجاب عنه في المعالم و غاية المأمول و شرح المختصر بأنه قد علم وقوعه و الفرق بينه و بين الاجتماع على الأكل وجود الدّاعي في المتواتر بخلاف أكل الطعام الواحد و بالجملة فوجود العادة هنا و عدمها هناك ظاهر و منها ما ذكره جماعة من أن حصول العلم به يفضي إلى تناقض المعلومين إذا أخبر جمع كثير بالشيء و جمع كثير بنقيضه و ذلك محال و أجاب عنه في النهاية و المعالم و الإحكام و شرح المختصر بأن تواتر النقيضين محال عادة و في غاية المأمول التواتر ثانيا بنقيض ما تواتر أولا محال ففرضه فرض أمر محال و المحال قد يستلزم محالا و منها ما ذكره جماعة من أنه لو أفاد العلم الضروري لما فرقنا بين ما يحصل منه كما مثلتم به و بين العلم بالضروريات و اللازم باطل لأنا إذا عرضنا إلى أنفسنا وجود الإسكندر مثلا و قولنا الواحد نصف الاثنين فرقنا بينهما و وجدنا الثاني أقوى بالضرورة و أجاب عنه في النهاية و المعالم و غاية المأمول بأن الفرق الذي نجده بين العلمين إنما هو باعتبار كون كلّ واحد منهما نوعا من الضروري و يختلف النوعان بالسّرعة و عدمها لكثرة استئناس العقل بأحدهما دون الآخر و في الإحكام