responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 415


ثم قال حجة أبي هاشم أن التوبة إنما تجب لدفع الضرر و هو غير حاصل في الصّغائر و الجواب المنع من عدم حصول الضرر فيها و في التجريد و شرحه للقوشجي التوبة واجبة عقلا لدفعها الضرر الذي هو العقاب أو الخوف منه و دفع الضرر واجب فما يدفع به الضّرر أيضا يكون واجبا و في بعض الحواشي المنسوبة إلى الشيخ البهائي أثبت المعتزلة وجوبها عقلا لدفعها ضرر العقاب و هذا كما لا يخفى لا يدلّ على وجوب التوبة عن الصّغائر ممّن يجتنب الكبائر لأنّها مكفرة حينئذ و لذا ذهب الأهشمية إلى وجوبها في الصّغائر سمعا لا عقلا و في شرح الباب الحادي عشر تجب التوبة لكونها دافعة لضرر المعصية و هو العقاب و دفع الضرر و إن كان مظنونا واجب عقلا فكذا ما يدفع به و في المجلي تجب التوبة عن المعاصي لدفعها الضرر المعلوم أو المظنون و للأمر بها و منها ما ذكره في إرشاد الطالبين فقال احتج أصحابنا بأنها إما عن فعل محرّم أو ترك واجب و هما قبيحان و كل قبيح يجب تركه و منها ما ذكره في التجريد فقال و لوجوب النّدم على كل قبيح أو إخلال بواجب و منها ما ذكره الصّدر الشيرازي في بعض مؤلفاته و الكاشاني في المحجة فقالا أعلم أن وجوب التوبة ثابت بالآيات و الأخبار و هو واضح بنور البصيرة و بشرح الله صدره بنور الإيمان حتى اقتدر أن يسعى بنوره الذي بين يديه في ظلمات الأرض مستغنيا عن قائد يقوده في كل خطوة فالسّالك إما أعمى لا يستغني عن القائد في كل خطوة و إما بصير يهدى إلى أوّل الطريق ثم يهتدي بنفسه و كذا القياس في سلوك طريق الآخرة و الدّين فالناس ينقسمون هذا الانقسام فمن قاصر لا يقدر على مجاوزة التقليد في خطوة فيفتقر إلى أن يسمع في كلّ قدم نصّا من كتاب أو سنة و ربما يعوده ذلك فيتحير و يقف فيه هذا و إن طال عمره و عظم جدّه مختصر و خطوته قصيرة و حركته و من سعيد شرح صدره للإسلام فهو على نور من ربه ينتبه بأدنى إشارة لسلوك طريق معوضة و قطع عقبات متعته فيشرق في قلبه نور القرآن و نور الإيمان و هو لشدّة نور باطنه يجتزئ بأدنى بيان و يكاد زيته يضيء و لو لم تمسسه نار فإذا مسته نار فهو نار على نور يهدي الله لنوره من يشاء فهذا لا يحتاج إلى نصّ منقول في كل واقعة فمن هذا حاله إذا أراد أن يعرف وجوب التوبة فينظر أولا بنور البصيرة إلى أن التوبة ما هي ثم إلى أن الوجوب ما معناه ثم يجمع بين معنى الوجوب و التوبة فلا يشك في ثبوته لها و ذلك أن معنى الوجوب ما هو واجب في الوصول إلى سعادة الأبد و النجاة من هلاك السّرمد و معنى قول القائل صار كذا واجبا بالإيجاب حديث محض لا معنى له فإن ما لا غرض لنا عاجلا و آجلا في فعله و تركه فلا معنى لاشتغالنا به أوجبه غيرنا أو لم يوجبه فإذا عرف الوجوب و أنه الوسيلة إلى سعادة الأبد و علم أن لا سعادة في دار البقاء إلا بالتقرب منه تعالى و الوصول إلى دار كرامته و كل محجوب عنه فهو شقي لا محالة يحول بينه و بين ما يشتهيه محترق بنار الفراق و نار جهنم و علم أن لا مبعد له عن لقاء اللَّه إلا اتباع الشهوات و ارتكاب الخطيئات و الأنس بهذا العالم ضني و الإكباب على حسب ما لا بد من فراقه و علم أن لا مقرب من لقاء الله إلا قطع العلاقة عن زخرف الدنيا و لذاتها و الإقبال بالكلية على اللَّه طلبا للأنس بذكره و المحبّة له بمعرفة جماله و جلاله على قدر طاقته و همته و علم أن الذّنوب التي هي أعراض عن اللَّه و اتباع للشهوات و محابوا الشياطين أعداء الله المبعدين عن حضرته بكونه محجوبا مبعدا عن اللَّه فلا يشك في أن الانصراف عن طريق البعد واجب للوصول إلى القرب و إنما يتم الانصراف بالعلم و الندم و العزم فإنه ما لم يعلم أن الذنوب أسباب للبعد عن المحبوب لم يتندم و لم يتوجع قلبه بسبب سلوكه في طريق البعد و ما لم يتوجع فلا يرجع و معنى الرجوع الترك و العزم فلا شك أن المعاني الثلاثة ضرورية في الوصول إلى السّعادة فهكذا يكون الإيمان الحاصل عن نور البصيرة و أما من يترسخ قدمه بمثل هذا المقام المرتفع ذروته عن حدوده أكثر الخلق ففي التقليد و الاتباع مجال رحب يتوصّل به إلى النجاة من الهلاك فليلاحظ فيه قول الله عز و جلّ و قول رسوله صلى الله عليه و آله و قول الأئمة المعصومين عليهم السلام و زاد في المحجة فقال قال أبو حامد و الإجماع منعقد من الأمة على وجوبها إذ معناه العلم بأن الذنوب و المعاصي مهلكات و مبعدات من اللَّه و هذا داخل في وجوب الإيمان و لكن قد يدهش الغفلة عنه فمعنى هذا العلم إزالة هذه الغفلة و لا خلاف في وجوبها و من معانيها ترك المعاصي في الحال و العزم على تركها في الاستقبال و تدارك ما سبق من التقصير في سابق الأحوال و ذلك لا شك في وجوبه و أما الندم على ما سبق و التحزن عليه فواجب و هو روح التوبة و به تمام التلافي فكيف لا يكون واجبا بل هو نوع ألم يحصل لا محالة عقيب المعرفة بما فات من العمر و ضاع في سخط اللَّه فإن قلت تألم القلب أمر ضروري لا يدخل تحت الاختيار فكيف يوصف بالوجوب فاعلم أن سببه تحقيق العلم بفوات المحبوب و له سبيل إلى تحصيل سببه و لمثل هذا المعنى دخل العلم تحت الوجوب لا بمعنى أن العلم يخلقه العبد و يحدثه في نفسه فإن ذلك محال بل العلم و الندم و الفعل و الإرادة و القدرة و القادر و الكل من خلق الله و فعله فاللَّه خلقكم و ما تعملون هذا هو الحق عند ذوي البصائر و ما سوى هذا ضلال ثم قال التوبة واجبة بجميع أجزائها الثلاثة العلم و الندم و الترك و أن الندم داخل في الوجوب لكونه واقعا في جملة أفعال اللَّه المحصورة بين علم العبد و إرادته و قدرته المتخللة بينها و ما هذا وصفه فاسم الوجوب يشمله انتهى و لا فرق في وجوب التوبة عن المعاصي

415

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 415
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست