الشهيد الثاني عن عدم تعرضهم لذكره بأن قيد العدالة مغن عنه لأنها تمنعه أن يروي من الأحاديث ما ليس مضبوطا عنده على الوجه المعتبر لأنا نقول لا نسلم ذلك كما أشير إليه في جملة من الكتب ففي مشرق الشمسين بعد ما حكيناه عنه و اعترض عليه بأن العدالة إنما تمنع من تعمد نقل غير المضبوط عنده لا من نقل ما يسهو عن كونه غير مضبوط فيظنه مضبوطا و قد يدفع بأن مراده أن العادل إذا عرف من نفسه كثرة السّهو لم يجرأ على الرواية تحرزا عن إدخال ما ليس من الدين فيه و أنت خبير بأن لقائل أن يقول إنه إذا كثر سهوه فربما يسهو عن أنه كثير السهو فيروي و الحق أن الوصف بالعدالة لا يغني عن الوصف بالضبط فلا بد من ذكر المذكر ما ينبئ من اتصاف الراوي به أيضا و نعم ما قال العلامة في النهاية من أن الضبط من أعظم الشرائط في الرواية فإن من لا ضبط له ثم ساق كلامه المتقدم إليه الإشارة و في النهاية لا يقال لم لا يقبل حديثه لأنه لو لم يكن قد ضبطه أو ضبطه ثم سها عنه لم يروه مع عدالته لأنا نقول عدالته تمنع من تعمد الكذب و الخطاء لا من سهوه فجاز أن يتوهم فيما لم يضبطه أنه قد ضبطه و فيما سها عنه أنه لم يسه و إن كان عدلا و قريب منه ما في الإحكام و لا يقال لو كان الضبط شرطا للزم أهل الرجال الاعتناء به و تحقيقه و التصريح به كما في العدالة لأنا نقول هذا مدفوع بما ذكره في مشرق الشمسين فقال و إن قلت فكيف يتم لنا الحكم بصحة الحديث بمجرّد توثيق علماء الرجال رجال سنده من غير نصّ على ضبطهم قلت إنهم يريدون بقولهم فلان ثقة أنه عدل ضابط لأن لفظ الثقة من الوثوق و لا وثوق بمن يتساوى سهوه و ذكره أو يغلب سهوه على ذكره و هذا هو السرّ في عدولهم عن قولهم عدل إلى قولهم ثقة انتهى و قد أشار إلى ما ذكره في غاية المأمول أيضا < فهرس الموضوعات > و ينبغي التنبيه على أمور < / فهرس الموضوعات > و ينبغي التنبيه على أمور < فهرس الموضوعات > الأوّل < / فهرس الموضوعات > الأوّل قد أشير في جملة من الكتب إلى معنى الضبط المعتبر في الراوي ففي المعارج يعتبر في الراوي الضبط فإن عرف له سهو غالبا لم يقبل و في التهذيب يجب كون الخبر راجح الصّدق عند السامع و إنما يحصل مع عقل الراوي و بلوغه و إسلامه و عدالته و ضبطه و غلبة ذكره على نسيانه و في النهاية يجب أن يكون ضابطا بحيث لا يكون سهوه أكثر من ذكره و لا مساويا له و في المنية اعلم أن الشرط الخامس هو كون الراوي ضابطا يغلب ذكره الأشياء المعلومة له على نسيانه إياها فلو كان بحيث لا يضبط الأحاديث و لا يفرق بين مزايا ألفاظ و لا يتمكن من حفظها لم يقبل روايته و كذا لو كان مختل الطبع بحيث يغلب عليه النسيان و الذّهول و السهو و الغفول و في شرح المبادي يشترط أن يكون حفظه راجحا على نسيانه و في شرح الدراية و جمهورهم على اشتراط ضبطه لما يروي بمعنى كونه حافظا مستيقظا غير مغفل إن حدث من حفظه ضابطا لكتابه حافظا له من الغلط و التصحيف و التحريف إن حدث منه عارفا بما يختل المعنى إن روى به أي بالمعنى حيث يجوزه و في الحقيقة اعتبار العدالة يغني عن هذا لأن العدل لا يجادف برواية ما ليس بمضبوط على الوجه المعتبر له و تخصيصه تأكيد أو جري على العادة و في الزبدة أما الضبط فيراد به غلبة الذكر على السّهو و قد ظن إغناء العدالة عن شرطه لمنعها عن نقل ما لم يضبطه و ردّ بعدم منعها عن نقله ساهيا عن أنه غير مضبوط أو غير ضابط و في المختصر و شرحه يشترط رجحان ضبطه و ذكره سهوه و في الإحكام يشترط أن يكون ضبطه لما سمعه أرجح من عدم ضبطه و ذكره له أرجح من سهوه انتهى < فهرس الموضوعات > الثاني < / فهرس الموضوعات > الثاني قال في المعارج و المعالم و إن عرض عليه السهو نادرا لم يقدح لأن أحدا لا يكاد يسلم منه و زاد في الأوّل فقال فلو كان زواله أصلا شرطا في القبول لما صح العمل إلا بمأمن معصوم من السهو و هو باطل إجماعا من العاملين بالخبر انتهى و هو جيّد و قال في النهاية الفرق بين عدم الضبط و عروض السهو ظاهر فإن عادم الضبط لا يحصّل الحديث حال سماعه و من يعرض له السهو قد يضبط الحديث حال سماعه و يحصّله إلا أنه يشذ عنه بعارض السهو < فهرس الموضوعات > الثّالث < / فهرس الموضوعات > الثّالث قال في النهاية يعرف ضبطه بكثرة استعلام الأشياء منه مرة بعد أخرى على سبيل التكرير و يطلب منه إعادة ما حفظ بعد وقت انتهى و في الإحكام و إن جهل حال الرّاوي في ذلك كان الاعتماد على ما هو الأغلب من حال الرواة و إن لم يعلم الأغلب من ذلك فلا بدّ من الاعتبار و الامتحان انتهى و التحقيق أن يقال إن علم الضّبط فلا إشكال سواء حصل العلم من الإخبار أم من غيره و إن لم يعلم فإن شهد به العدلان المقبول شهادتهما فالأقرب ثبوته أيضا و هل يثبت بكلما أفاد الظنّ به من خبر العدل الواحد و المرأة و الاستفاضة أو لا فيه إشكال و لكن الاحتمال الأوّل هو الأقرب بناء على أصالة حجية الظن كما هو التحقيق < فهرس الموضوعات > الرّابع < / فهرس الموضوعات > الرّابع قال في النهاية لو قدر على ضبط قصار الأحاديث دون مطولاتها قبل فيما عرف ضبطه فيه دون غيره انتهى و هو جيّد < فهرس الموضوعات > الخامس < / فهرس الموضوعات > الخامس هل الإكثار من الرّواية يدل على عدم الضبط أو لا صرّح بالأخير في النهاية و الأحكام فقال لا يقال أنكرت الصحابة على أبي هريرة كثرة روايته و قالت عائشة رحم اللَّه أبا هريرة لقد كان رجلا مهذارا في حديث المهراس و مع ذلك قبلوا إخباره لأنا نقول الإنكار على أبي هريرة ليس لعدم ضبطه و غلبة النسيان عليه بل لأن الإكثار لا يؤمن معه اختلال الضبط الذي لا يعرض لتقليل الرّواية < فهرس الموضوعات > السّادس < / فهرس الموضوعات > السّادس هل يشترط في الخبر أن يكون مظنون الصدق فلو لم يكن كذلك لم يكن حجة و إن كان راويه بالغا عاقلا مؤمنا ضابطا عادلا أو لا بل يكون حجة مع الصفات المزبورة و إن لم يفد الظن و إن كان الفرض بعيدا حيث لا معارض أقوى صرح في التهذيب بالأول و صرّح به في النهاية و الإحكام أيضا فقالا لا يقال إن الخبر دليل و الأصل فيه الصحة و تساوي الضبط و الاختلال و الذكر و النّسيان غايته أنه يوجب الشك في الصّحة و ذلك لا يقدح في الأصل كما لو كان متطهرا ثم شكّ بعد ذلك في الحدث فإنه لا يترك الأصل بهذا الشك لأنا نقول الخبر إنما