يعني ظلمات الذنوب إلى نور التوبة و المغفرة لولايتهم كل إمام عادل من اللَّه و قال و الَّذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات إنما عنى بهذا بأنهم كانوا على نور الإسلام فلما أن تولَّوا كلّ إمام جائر ليس من اللَّه خرجوا بولايتهم إياه من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر فأوجب الله لهم النار مع الكفر و أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون و الأحاديث في ذلك كثيرة جدّا فمن ورد في حقه أمثال هذه الأحاديث كيف لا يكون فاسقا فإن غاية ما يمكن أن نؤول الأخبار و نخرجهم من الكفر إلى الفسق فلا معنى لقبول شهادتهم و تسميتهم بالعدالة كما يفهم من شرح الشرائع انتهى و منها أنه لو كان أخبار المخالفين حجة للزم ضبط أخبارهم و أحاديثهم و نسخها و تصحيحها و الاعتناء بها غاية الاعتناء كما في كتب أخبار المؤمنين و الحال أن المشاهد من سيرة الأصحاب خلاف ذلك كما لا يخفى و فيه نظر فتأمل و للآخرين وجوه أيضا منها أن المخالف إذا كان ثقة و عدلا في دينه و متحرزا عن الكذب حصل من خبره الظن بالحكم الشرعي فيجب العمل بخبره أما المقدمة الأولى فمما لا ريب فيه و لا شبهة تعتريه و مما يؤيده اتفاق العلماء سلفا و خلفا على الرجوع إلى أئمة اللَّغة و النحو و الصرف و المعاني و البيان و القراءة و التفسير في المسائل المتعلقة بالعلوم المذكورة و ليس ذلك قطعا إلا لإفادة قولهم الظن و ربما كان ما ذكر مؤيدا أو دليلا على جواز الاعتماد على خبرهم في نفس الأحكام الشرعية و أما المقدمة الثانية فلأصالة حجية الظن لا يقال الأصل المذكور إنما يصار إليه حيث لا يعارضه ما هو أقوى منه و أما معه فلا و من الظاهر أن الأدلَّة المتقدمة الدالة على القول الأول أقوى منه لأنا نقول لا نسلم ذلك فإنها لا تفيد العلم بعدم حجية المفروض بل غايتها الظن و هو لا يجوز الاعتماد عليه هنا إذ لا يجوز نفي حجيّة ظن بظن آخر كما لا يجوز إثبات حجية ظن بظن آخر لا يقال الظن المستفاد من ظاهر الكتاب و السنة المتواترة ظن خاص قام الدليل القاطع على حجيته بالخصوص فيكون هو بمنزلة العلم يجوز إثبات حجية الظن و نفيها به لأنا نقول إن أردت أنه ظن خاص في الجملة فهو الإحكام و لكنه لا يجدي و إن أردت أنه ظن خاص مطلقا بحيث يشمل محل البحث فهو ممنوع نعم يمكن المناقشة في هذه الحجة بالمنع من أصالة حجية الظن أو بالمنع من حجية الظن الَّذي دل ظن آخر على عدم حجيته و لكنهما خلاف التحقيق كما تقدم إليه الإشارة و منها ما تمسّك به الشيخ في العدة فقال و أما العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين فهو أن يكون الراوي معتقدا للحق مستبصرا ثقة في دينه متحرزا عن الكذب غير متهم فيما يرويه فأما إذا كان مخالفا في الاعتقاد لأصل المذهب و روى مع ذلك عن الأئمة نظر فيما يرويه فإن كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه وجب اطراح خبره و إن لم يكن هناك ما يوجب اطراح خبره و يكون هناك ما يوافقه وجب العمل به و إن لم يكن هناك من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك و لا يخالفه و لا يعرف لهم قول فيه وجب أيضا العمل به بما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روي عنا فانظروا إلى ما رووه عن علي عليه السلام فاعملوا به و لأجل ما قلناه عمل الطائفة بما رواه حفص بن غياث و غياث بن كلوب نوح بن دراج و السّكوني و غيرهم من العامة عن أئمتنا عليهم السلام فيما لم ينكروه و لم يكن عندهم خلافه و أما إذا كان الراوي من فرق الشيعة كالفطحية و الناووسية و غيرهم نظر فيما يرويه فإن كان هناك قرينة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثقين بهم وجب العمل به و إن كان هناك ما يخالفه من طريق الموثقين وجب اطراح ما اختصّوا بروايته و العمل بما رواه الثقة و إن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه و لا يعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب أيضا العمل به إذا كان متحرزا في روايته موثوقا في أمانته و إن كان مخطئا في أصل الاعتقاد فلأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد اللَّه بن بكير و غيره و أخبار الواقفية مثل سماعة بن مهران و علي بن أبي حمزة و عثمان بن عيسى من بعد هؤلاء بما رواه بنو فضال و بنو سماعة و الطاطريّون و غيرهم فيما لم يكن عندهم فيه خلاف انتهى و حاصل ما ذكره أمران أحدهما الرواية التي أشار إليها و ثانيهما دعوى إجماع الطائفة على العمل بإخبار طائفة من غير الإمامية و في كلا الوجهين نظر أما الأول فلضعف سنده بالإرسال فلا يصلح للحجيّة و مع ذلك فهو معارض بالعمومات المانعة عن العمل بغير العلم و التعارض بينهما من قبيل تعارض العمومين من وجه لتواردهما في محلّ الفرض كما لا يخفى و شمول العمومات المذكورة للقياس و نحوه دون الرّواية المتقدمة و شمول الرواية المذكورة لصورة حصول العلم لما رووه باعتبار تواتره و احتفافه بالقرائن القطعية دون العمومات المذكورة و من الظاهر أن وجوه الترجيح معها دون الرّواية المذكورة إلا أن يدعى انصراف إطلاقها إلى غير صورة حصول العلم لندرتها أو عدم تبادرها منه فيصير الرّواية حينئذ لنص في المدعى فينبغي تخصيص تلك العمومات بها و مع هذا فالتفصيل في الرواية و تخصيص الحكم بجواز الرّجوع إلى رواية المخالفين بصورة فقد الرواية عن سائر الأئمة عليهم السلام مما يمنع حمل الرّواية على العموم يوجب تخصيصها بصورة عدم حصول العلم مما رووه كما لا يخفى و لا يقدح فيما ذكر قوله عليه السلام ما رووه بصيغة الجمع فإنه ليس ظاهرا في توقف العمل برواية المخالف على كون الرّاوي بها جميع أفراده فتأمل فإذن ينحصر طريق المناقشة في الرّواية في إرسالها الموجب لضعفها المانع من حجيّتها و قد يجاب عن هذا بانجبار الضعف بما ادعاه الشيخ من عمل الطائفة و بظهور أن الشيخ لا يستند إلى رواية مرسلة في إثبات أصل عظيم فليس استناده