responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 417


من هذا حاله قريب من أن يموت فتزايله الروح الضعيف المنفردة التي يتخلَّف عنها الأعضاء الَّتي يمدّها و تقويها فكذلك من ليس له إلا أصل الإيمان و هو مقصّر في الأعمال قريب من أن ينقلع شجرة إيمانه إذا صدمتها الرّياح العاصفة المحركة للإيمان في مقدمة قدوم ملك الموت و وروده فكل إيمان لم يثبت في النفس أصله و لم ينتشر في الأعمال فروعه لم يثبت على عواصف الأهوال عند ظهور ناصية ملك الموت و خيف عليه سوء الخاتمة إلا سقي بماء الطاعات على توالي الأيام و الساعات حتى ترسخ و تثبت و قول العاصي للمطيع إني مؤمن كما أنك مؤمن كقول شجرة القرع لشجرة الصنوبر إني شجرة و أنت شجرة و ما أحسن جواب شجرة الصنوبر إذ قالت ستعرفين اغترارك بشمول الاسم إذا عصفت رياح الخريف فعند ذلك ينقلع أصولك و تناثر أوراقك و ينكشف غرورك بالمكاشفة في اسم الشجرة مع الغفلة عن أسباب ثبات الأشجار شعر سوف ترى إذا انجلى الغبار أ فرس تحتك أم حمار فهذا أمر يظهر عند الخاتمة و إنما تقطعت نياط العارفين خوفا من دواهي الموت و مقدماته الهائلة التي لا يثبت عليها إلا الأقلون فالعاصي إذا كان لا يخاف الخلود في النار بسبب معصيته كالصّحيح المنهمك في الشهوات المضرّة إذا كان لا يخاف الموت بسبب صحته و أن الموت غالبا لا يقع فجأة فيقال له الصّحيح يخاف المرض ثم إذا مرض خاف الموت فكذلك العاصي يخاف سوء الخاتمة ثم إذا ختم له بالسوء وجب الخلود في النار فالمعاصي للإيمان كالمأكولات المضرة للأبدان فلا يزال يجتمع في الباطن فتغير مزاج الأخلاط و هو لا يشعر بها إلى أن يفسد المزاج فيمرض دفعة ثم يموت دفعة فكذلك المعاصي فإن كان الخائف من الهلاك في هذه الدنيا المنقضية يجب عليه ترك السموم و ما يضره من المأكولات في كل حال و على الفور فالخائف من هلاك الأبد أولى بأن يجب عليه و إن كان متناول السم إذا ندم يجب عليه أن يتقيأ و يرجع عن تناوله بإبطاله و إخراجه عن المعدة على سبيل الفور و المبادرة تلافيا لبدنه المشرفة على هلاك لا يفوت عليه إلا هذه الدنيا الفانية فتناول سموم الدّين و هي الذنوب أولى بأن يجب عليه الرجوع عنها بالتدارك الممكن ما دام يبقى للمتدارك مهلة و هو العمر فإن المخوف من هذا السمّ فوات الآخرة الباقية التي فيها النعيم المقيم و الملك العظيم و في فواتها نار الجحيم و العذاب المقيم الذي ينصرف أضعاف الدنيا دون عشر عشر مدّتها إذ ليس لمدّتها آخر البتة فالبدار البدار إلى التوبة قبل أن يعمل سموم الذنوب بروح الإيمان عملا تجاوز الأمر فيه اختيار الأطباء و لا ينفع بعده الاحتماء فلا ينفع بعد ذلك نصح الناصحين و وعظ الواعظين و يحق الكلمة عليه بأنه من الهالكين و يدخل تحت عموم قوله تعالى إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون و جعلنا من بين أيديهم سدّا و من خلفهم سدّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون و سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون و لا يغرّنك لفظ الإيمان فتقول المراد به الكافرون إذ بين لك أن الإيمان بضع و سبعون بابا و أن الزاني لا يزني و هو مؤمن فالمحجوب عن الإيمان الَّذي هو شعب و فروع سيحجب في الخاتمة من الإيمان الَّذي هو أصل كما أن الشخص الفاقد لجميع الأطراف الَّتي هي فروع سيساق إلى الموت المعدم للرّوح التي هي أصل فلا بقاء للأصل دون الفرع و لا وجود للفرع دون الأصل و لا فرق بين الأصل و الفرع إلا في شيء واحد و هو أن وجود الفرع و بقاءه جميعا يستدعي وجود الأصل و أما وجود الأصل فلا يستدعي وجود الفرع و لكن بقاؤه يستدعي بقاء الفرع فبقاء الأصل بالفرع و وجود الأصل بالفرع فعلوم المكاشفة و علوم المعاملة متلازمة كتلازم الأصل و الفرع فلا يستغني أحدهما عن الآخر و إن كان أحدهما في رتبة الأصل و الآخر في رتبة التّابع و علوم المعاملة إذا لم يكن باعثة على العمل فعدمها خير من وجودها فإنها لم تعمل عملها الذي يراد له ثم قامت مؤكدة للحجيّة على صاحبها و لذلك يزاد في عذاب العالم الفاجر على عذاب الجاهل الفاجر كما أوردنا من الأخبار في كتاب العلم انتهى و التحقيق في هذا المقام أن يقال إن التوبة لا دليل من جهة السمع على وجوبها فورا إذ ليس في الكتاب و السّنة سوى الأمر بها و قد بيّنا في مواضع من كتبنا الأصولية أن الأمر لا يفيد الفور مطلقا و لو في الشريعة و الإجماع على الفورية لم يثبت لي إلى الآن لا محققا و لا محكيا حكاية معتبرة فالمستند في ذلك ليس إلا العقل القاطع و هو بحسب الإنصاف و إن دل على فوريتها و لكن إنما يدل على ذلك في الجملة و لم أجد له دلالة على فورية جميع أقسامها فينبغي في هذا المقام الاقتصار على ما يحكم العقل القاطع بفوريته و يرجع في غيره إلى حكم الأصل فإذن نقول يجب ترك المعاصي فورا و كذلك الندم و العزم و أن التدارك لما فات منه كالصّلاة الَّتي تركها عمدا و الزكاة التي تركها كذلك و نحو ذلك فوريته بجميع أقسامه محل إشكال لعدم دليل من العقل على ذلك بل قد يدعى الاتفاق على عدم وجوب فورية جميع أقسام التدارك و كيف كان فلا ينبغي ترك الاحتياط حيث يمكن بل احتمال وجوب نفس التوبة و ما يصدق عليه هذه اللفظة حقيقة في العرف العام في غاية القوة و إذا ترك التوبة الواجبة فورا وجب عليه الإتيان بها في ثاني الحال فورا و هل ترك التوبة من الكبائر أو لا فيه إشكال و لم أجد أحدا صرّح بأحد الأمرين الخامس هل تصح التوبة من قبيح دون قبيح و معصية دون أخرى أو لا اختلف علماء الإسلام في ذلك على قولين الأول أن ذلك غير صحيح و هو المحكي عن أبي هاشم الجبائي و في إرشاد الطالبين نقل هذا القول قاضي القضاة عن أمير المؤمنين و أولاده كعليّ بن موسى عليه السلام الثاني أن ذلك صحيح و هو المحكي عن أبي علي الجبائي

417

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 417
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست