responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 418


للقول الأول ما أشار إليه في إرشاد الطالبين فقال احتج أبو هاشم بأنه تجب التوبة عن القبيح لقبحه و كلما كان كذلك لم يصحّ من البعض أما الصغرى فلأن جهة القبح هي جهة المنع منه و الصّرف عن فعله فيكون هو ذلك المقصود بالندم و الترك و لأن من ترك شرب الخمر لإضرار به لا يعد تائبا و كذلك من ترك القبيح خوفا من النار و لو لا خوفه لم يعد تائبا و أما الكبرى فلأن القبح مشترك في الجميع و إذا كانت العلة مشتركة فلو تاب عن البعض خاصة لكشف ذلك عن كونه غير تائب عن القبيح لقبحه و هو باطل لما تقدم انتهى و فيه نظر و للقول الثاني ما ذكره في الكتاب المذكور أيضا فقال احتج أبو علي بأنه لو لم يصحّ التوبة عن قبيح دون قبيح لم يصح الإتيان بواجب دون واجب و اللازم باطل بالإجماع فإن من صام و لم يصلّ صحّ صومه بلا خلاف بيان الملازمة أن القبيح كما يترك لقبحه كذا الواجب يفعل لوجوبه فإذا لزم من اشتراك القبائح في العلة أن لا يصحّ التوبة من بعضها دون بعض لزم اشتراك الواجبات ثم قال أجاب أبو هاشم عن هذه الحجة بأن الفرق حاصل بين الفعل و الترك و لذلك أن من أكل الرّمانة لحموضتها فإنه يجب عليه ترك جميع الرمانات الحامضة و إلا لكشف أكله لشيء منها عن أنه لم يترك الرمانة لحموضتها ثم قال في الكتاب المذكور و اعلم أن التحقيق هنا أن نقول إن القبائح مقولة بالشدّة و الضعف فهي مختلفة بجهات قبحها و إن كانت مشتركة في مطلق القبح و حينئذ نقول إذا تاب العبد عن قبيح له مشارك في جهة قبحه وجب توبته عن ذلك القبيح الآخر و لم يلزم من توبته عن غيره من القبائح الَّتي ليست بمشاركة له في تلك الجهة لاختلاف الدواعي و الأغراض و لهذا لو أسلم يهودي اقتصر على صغيرة و ندم على كفره خاصة فإن توبته مقبولة إجماعا و لهذا يتأوّل كلام أمير المؤمنين و أولاده عليه السلام انتهى و اقتصر في نهج المسترشدين على ذكر حجتي القولين المشار إليهما و لم يرجح شيئا منهما و في التجريد يندم على القبيح لقبحه و إلا لامتنعت التوبة و خوف النار إن كانت الغاية فكذلك و كذلك الإخلال بالواجب فلا يصح من البعض و لا يتم القياس على الواجب للفرق و لو اعتقد فيه الحسن لصحت التوبة و كذا المستحقر و التحقيق أن الترجيح الداعي إلى النّدم عن البعض ثبوت عليه و أن اشتراك الدواعي في الندم على القبيح لقبحه و هذا كما في الداعي إلى الفعل و لو اشترك الترجيح اشترك وقوع الندم و به يتأول كلام أمير المؤمنين و أولاده عليه السلام و إلا يحكم هنا ببقاء الكفر على التائب منه المقيم على صغيرة انتهى و التحقيق عندي أن التوبة من بعض المعاصي صحيحة و إن لم يتب من غيره مطلقا و إن كان مساويا لما تاب منه أو أشد منه قبحا و لا فرق في ذلك بين علم التائب باشتغاله بمعصية أخرى لم يتب عنها حين التوبة و عدمه و بالجملة لا يتوقف التوبة عن بعض المعاصي على التوبة من غيره من سائر المعاصي لا لغة و لا شرعا و لا عقلا أما عدم التوقف لغة فلوجوه منها أن المتبادر من التوبة ليس إلا الرجوع من الذنب و الندامة مما وقع و العزم على تركه في المستقبل و هذا مفهوم كلي يصدق على التوبة من بعض المعاصي و من جميعها فلو كان التوقف ثابتا لغة لما كان الأمر كذلك و منها أنه يصحّ أن يقال لمن تاب عن بعض المعاصي دون بعض أنه تائب و لا يصح سلبه عنه قطعا و قد ثبت أن عدم صحة السّلب من دلائل الحقيقة كالتبادر و منها أنه يصح تقييد التوبة بالجميع و بالبعض و الأصل فيما يقيد بالقيدين أن يكون موضوعا للقدر المشترك بينهما و منها أن التوبة تستعمل تارة مع التوبة عن جميع المعاصي و أخرى مع التوبة عن بعضها و الأصل فيما يستعمل في الأمرين أن يكون موضوعا للقدر المشترك بينهما و منها أنه إذا قيل تاب شارب الخمر انصرف الذهن إلى التوبة من شرب الخمر خاصة و لو كان التوبة لا يصدق حقيقة إلا بعد التوبة من جميع المعاصي لما كان الأمر كذلك و لكان خبر المخبر خبرا عن التوبة عن جميع المعاصي و هو باطل قطعا و بالجملة دلائل الاشتراك المعنوي و الوضع للمفهوم الكلَّي و كون مفهوم لفظ التوبة كمفهوم لفظ الماء و سائر الألفاظ الموضوعة للمفاهيم الكليّة في الصدق حقيقة على البعض و على الجميع عن حد واحد كثيرة و في عبارات القوم ما يرشد إلى ذلك و مع ذلك فالظاهر أنه لا قائل بخلاف ما ذكرناه و أنه ليس محل الخلاف و أما عدم التوقف شرعا تعبدا فلأنا لم نعثر على آية من الكتاب تدلّ على الاشتراط و لا عثرنا على حديث و لو ضعيفا يقتضي الاشتراط و لا قام عليه الإجماع لا من المسلمين و لا من المؤمنين و لا حكاه أحد من المحققين و أما عدم التوقف عقلا فلأنا لم نجد في العقل ما يقتضي التوقف بوجه من الوجوه و أما ما ذكره الخصم من أن التوبة عن بعض المعاصي يقتضي التوبة عن جميعها باعتبار اتحاد العلة فضعيف في الغاية فإن التوبة أمر اختياري يتعلَّق به قدرة المكلَّف و لا يلزم عقلا أن يكون الباعث على فعل اختياري منوط بالمشية و الإرادة باعثا على فعل آخر مثله من جميع الجهات فإن أكل الرّمان لأجل حموضة لا يقتضي أكل حامض مثل الرّمان و لو خلا عن المعارض كما أن حموضة الرمان الباعثة له على أكله لا يقتضي إلجاءه و إقهاره على أكله فكذلك حموضة غيره لا يقتضي ذلك و كذلك الكلام بالنسبة إلى الباعث على الترك و بالجملة إن الباعث على الفعل و الترك لا يقتضي الإلجاء و الخروج عن القدرة و الاختيار بنفسه بل يكون القدرة معه باقية و لا يحصل الإيجاب بالاختيار إلا بانضمام أمر خاص و هو يختلف بحسب المقامات و لا يمكن دعوى مقامين فيه فبمجرد وجود ذلك الباعث لا يمكن الحكم بوجود الفعل و تركه و لذلك إذا قال من لا يحتمل كذبه أكلت الرّمان لحموضته أو تركت أكله لذلك لا يحكم بحسب عادة العقلاء أنه أكل كل حامض أو تركه و بالجملة لا إشكال و لا شبهة أن التوبة عن معصية باعتبار داع و سبب كقبحها لا يقتضي وقوع

418

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست