responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 416


المعصية التي تاب عنها و غيرها و بالجملة تجب التوبة من جميع المعاصي الرّابع هل التوبة تجب فورا فلا يجوز تأخيرها أو لا بل هي واجبة على التوسعة فيجوز تأخيرها ذهب إلى الأول الشيخ البهائي في الأربعين فقال لا ريب في وجوب التوبة على الفور فإن الذنوب بمنزلة السموم المضرة بالبدن و كما يجب على شارب السم المبادرة إلى الاستفراغ تلافيا لبدنه المشرف على الهلاك كذلك يجب على صاحب الذنوب المبادرة على تركها و التوبة منها تلافيا لذنبه المشرف على التهافت و الاضمحلال و من أهل المبادرة إلى التوبة و سوقها من وقت إلى وقت فهو بين خطرين عظيمين إن سلم من واحد فلعله لا يسلم من الآخر أحدهما أن يعاجله الأجل فلا يتنبه من غفلته إلا و قد حضر الموت و فات وقت التدارك و انسدت أبواب التلافي و جاء الوقت الذي أشار إليه سبحانه بقوله و حيل بينهم و بين ما يشتهون و صار يطلب المهلة و التأخير يوما أو ساعة فيقال له لا مهلة لك كما قال سبحانه من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لو لا أخرتني إلى أجل قريب قال بعض المفسرين في تفسير هذه الآية إن المحتضر يقول عند كشف الغطاء يا ملك الموت أخرني يوما أعتذر فيه إلى ربي و أتوب إليه و أتزوّد صالحا فيقول فنيت الأيام و يغرغر بروحه إلى النار و يتجرع غصة اليأس و حسرة الندامة على تضييع العمر و ربما اضطرب أصل إيمانه في صدمات تلك الأهوال نعوذ باللَّه من ذلك و ثانيهما أن تتراكم ظلمة المعاصي على قلبه إلى أن يصير رينا و طبعا فلا يقبل المحو فإن كل معصية يفعلها الإنسان يحصل منها ظلمة في قلبه كما يحصل من نفس الإنسان ظلمة في المرآة فإذا تراكمت ظلمة الذنوب صارت رينا كما يصير بخار النفس عند تراكمه على المرآة صدأ و إذا تراكم الرين صار طبعا فيطبع على قلبه كالخبث على وجه المرآة إذا تراكم بعضه فوق بعض و طال مكثه و غاص في جرمها و أفسدها فصارت لا تقبل الصيقل أبدا و قد عبر عن هذا القلب بالقلب المنكوس و القلب الأسود روى الشيخ الجليل محمّد بن يعقوب الكليني في كتاب الكافي عن الإمام أبي عبد اللَّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال كان يقول ما من شيء أفسد للقلب من خطيئته إن القلب ليواقع الخطيئة فلا تزال به حتى يقلب عليه فيصير أعلاه أسفله و روى في الكتاب المذكور أيضا عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام أنه قال ما من عبد إلا و في قلبه نكتة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء فإن تاب ذهب ذلك السواد و إن تمادى في الذنوب زاد ذلك السّواد حتى يغطي البياض فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا و هو قول اللَّه عز و جلّ كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون فقوله عليه السلام لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا يدل على أن صاحب هذا القلب لا يرجع عن المعاصي و لا يتوب منها أبدا و لو قال بلسانه تبت إلى اللَّه يكون هنا القول مجرّد تحريك اللسان من دون موافقة القلب فلا أثر له أصلا كما أن قول القصار غسلت الثوب لا يصير الثوب نقيّا من الأوساخ و ربّما يئول حال صاحب هذا القلب إلى عدم المبالات بأوامر الشريعة و نواهيها فيسهل أمر الدين في نظره و وقع الأحكام الإلهية من قلبه و ينفر عن قبولها طبعه و ينجر ذلك إلى اختلال عقيدته و زوال إيمانه فيموت على غير الملَّة و هو المعبر عنه بسوء الخاتمة نعوذ باللَّه من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا و في بعض الحواشي المنسوبة إليه و أما فورية الوجوب فقد صرّح بها المعتزلة فقالوا يلزم بتأخير ساعة إثم آخر تجب التوبة منه أيضا حتى أن من أخر التوبة عن الكبيرة ساعة واحدة فقد فعل كبيرتين و الساعتين أربع كبائر الأوليان بترك التوبة عن كل منهما و الثلاث ساعات ثمان كبائر و هكذا و أصحابنا يوافقونهم على الفورية لكنهم لم يذكروا هذا التفصيل فيما رأيته من كتبهم الكلامية و في المحجة أما وجوبها على الفور فلا يستراب فيه إذ معرفة كون المعاصي مهلكات من نفس الإيمان و هو الواجب على الفور و المتفصي عن وجوبه هو الذي عرفه معرفة زجره ذلك عن الفعل فإن هذه المعرفة ليست من علوم المكاشفات التي لا تتعلق بالعمل بل من علوم المعاملة و كل علم يراد ليكون باعثا على عمل فلا يقع التفصي عن عهدته ما لم يصر باعثا على العلم بضرر الذنوب إنما أريد ليكون باعثا على تركها فمن لم يتركها فهو فاقد لهذا الجزء من الإيمان و هو المراد بقوله عليه السلام لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن و ما أراد به ففي الإيمان الذي يرجع إلى علوم المكاشفة كالعلم باللَّه و وحدانيته و صفاته و كتبه و رسله فإنّ ذلك لا ينافي الزنا و المعاصي و إنما أراد به نفي الإيمان بكون الزنا مبعّدا عن اللَّه تعالى و موجبا للمقت كما إذا قال الطبيب هذا سمّ فلا تناوله فإذا تناوله يقال تناول و هو غير مؤمن لا بمعنى أنه غير مؤمن بوجود الطبيب و كونه طبيبا و غير مصدق به بل المراد أنه غير مصدق بقوله إنه سمّ مهلك فإن العالم بالسمّ لا يتناوله أصلا و العاصي بالضرورة ناقص الإيمان إذ ليس الإيمان بابا واحدا بل هو نيّف و سبعون بابا أعلاها شهادة أن لا إله إلا اللَّه و أدناها إماطة الأذى من الطريق و مثاله قول القائل ليس الإنسان موجودا واحدا بل هو نيف و سبعون موجودا أعلاها القلب و الرّوح و أدناها إماطة الأذى عن البشرة بأن يكون مقصوص الشارب مقلوم الأظفار نقي البشرة عن الخبث حتى يتميز عن البهائم المرسلة المتلوثة بأرواثها المستكرهة الصور بطول مخالبها و أظلافها و هذا مثال مطابق فالإيمان كالإنسان و فقد شهادة التوحيد يوجب البطلان بالكلية لفقد الروح و الذي ليس له شهادة التوحيد و الرسالة هو كإنسان مقطوع الأطراف مفقود العينين فاقد لجميع أعضائه الظاهرة و الباطنة إلا أصل الرّوح و كما أن

416

نام کتاب : مفاتيح الأصول نویسنده : السيد محمد الطباطبائي الكربلائي    جلد : 1  صفحه : 416
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست