الواضح أن العلم الاجمالي لا يكون رافعا للشك في كل واحد من الأطراف ، لعدم تعلقه بما تعلق به الشك ، فإنه تعلق بعنوان جامع بينهما ، وهو عنوان أحدهما . وعليه فالغاية لا تشمل العلم الاجمالي فيكون اطلاق الصدر محكما . و ( ثالثا ) - أن ما افاده - من أن كلمة ( بعينه ) لتأكيد العلم لا لتميز المعلوم - لو سلم في رواية مسعدة بن صدقة من قوله ( كل شئ هو لك حلال حتى تعرف انه حرام بعينه ) لا يتم في رواية عبد الله بن سنان من قوله ( ع ) : ( كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه ) فان مفاده معرفة الحرام بعينه ، ومعرفة الحرام بعينه ظاهر عرفا في تمييزه عن غيره ، ولا سيما مع ذكر كلمة ( منه ) وظهور معرفة الحرام من الشئ بعينه في تمييز الحرام عن غيره غير قابل للانكار ، فتكون الغاية ظاهرة في خصوص العلم التفصيلي . بخلاف الجملة الأولى ، فان مفادها معرفة انه حرام بعينه ، أي معرفة الحرمة ، فيمكن ان تكون كلمة ( بعينه ) تأكيدا للمعرفة . ولا يخفى الفرق بحسب المفهوم العرفي بين معرفة ان الشئ حرام بعينه ، ومعرفة الحرام من الشئ بعينه . و ( رابعا ) - أن لازم ما ذكره من قصور الأدلة عن الشمول لأطراف العلم الاجمالي عدم جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي ، ولو لم يكن العلم الاجمالي منجزا ، لخروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء ، أو لكون الامتثال حرجيا أو ضروريا ، مع أنه ( ره ) لا يلتزم بذلك قطعا . وأما على ما ذكرناه من أن المانع من جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي ثبوتي من جهة تنجيز العلم الاجمالي التكليف الواقعي ، ولزوم اجتماع الضدين في مقام الامتثال ، فلا محذور في جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي في فرض خروج بعضها عن محل الابتلاء أو كون الامتثال حرجيا أو ضرريا ، إذ العلم الاجمالي حينئذ لا يكون منجزا ولا يحكم العقل بلزوم امتثال الحكم الواقعي ، لعدم القدرة عليه ، أو لاستلزامه