فيما كان ترك التصرف موجبا لفوات المنفعة . وان لم يكن ضررا عليه . لان منع المالك عن الانتفاع بملكه أيضا مخالف للامتنان ، فلا يكون مشمولا لحديث لا ضرر ، فلا يمكن التمسك بحديث لا ضرر في المقام أصلا ، بل لابد من الرجوع إلى غيره ، فان كان هناك عموم أو اطلاق دل على جواز تصرف المالك في ملكه حتى في مثل المقام يؤخذ به ، ويحكم بجواز التصرف ، والا فيرجع إلى الأصل العملي وهو في المقام أصالة البراءة عن الحرمة ، فيحكم بجواز التصرف . وبما ذكرناه ظهر الحكم فيما إذا كان التصرف في مال الغير موجبا للضرر على الغير ، وتركه موجبا للضرر على المتصرف ، فيجري فيه الكلام السابق من عدم جواز الرجوع إلى حديث لا ضرر ، لكونه واردا مورد الامتنان ، فيرجع إلى عموم أدلة حرمة التصرف في مال الغير ، كقوله عليه السلام : ( لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه ) وغيره من أدلة حرمة التصرف في مال الغير ، ويحكم بحرمة التصرف . هذا كله من حيث الحكم التكليفي . وأما الحكم الوضعي وهو الضمان فالظاهر ثبوته حتى فيما كان التصرف جائزا ، لعدم الملازمة بين الجواز وعدم الضمان ، فيحكم بالضمان لعموم قاعدة الاتلاف ودعوى - كون الحكم بالضمان ضرريا فيرتفع بحديث لا ضرر - مدفوعة بان الحكم بالضمان ضرري في جميع موارده ، فلا يمكن رفعه بحديث لا ضرر ، لما تقدم من أن حديث لا ضرر لا يشمل الاحكام المجعولة ضررية من أول الامر . وحديث لا ضرر ناظر إلى الاحكام التي قد تكون ضررية ، وقد لا تكون ضررية ، و يقيدها بصورة عدم الضرر . هذا مضافا إلى ما تقدم أيضا من أنه حديث امتناني لا يشمل باب الضمان أصلا .