من كانت قيمة ماله أكثر من قيمة مال الآخر . ولا وجه لالزامه بتحمل تمام الضرر من جهة كون ماله أكثر من مال الآخر ، مع كون الضرر مشتركا بينهما بآفة سماوية . والصحيح أن يقال انه إذا تراضى المالكان باتلاف أحد المالين بخصوصه ولو بتحملهما الضرر على نحو الشركة ، فلا اشكال حينئذ ، لان الناس مسلطون على أموالهم ، وإلا فلا بد من رفع ذلك إلى الحاكم ، وله إتلاف أيهما شاء ويقسم الضرر بينهما بقاعدة العدل والانصاف الثابتة عند العقلاء . ويؤيدها ما ورد في تلف درهم عند الودعي ، من الحكم باعطاء درهم ونصف لصاحب الدرهمين ، ونصف درهم لصاحب الدرهم الواحد ، فإنه لا يستقيم إلا على ما ذكرناه من قاعدة العدل والانصاف . وقد تقدم في بحث القطع . هذا فيما إذا تساوى المالان من حيث القيمة . وأما إن كان أحدهما أقل قيمة من الآخر ، فليس للحاكم إلا إتلاف ما هو أقل قيمة ، لان إتلاف ما هو أكثر قيمة سبب لزيادة الضرر على المالكين بلا موجب . ثم إن ما ذكرناه من الفروع واحكامها انما هو فيما إذا لم تثبت أهمية أحد الضررين في نظر الشارع وأما إذا ثبت ذلك فلا بد من اختيار الضرر الآخر في جميع الفروع السابقة ، كما إذا دخل رأس عبد محقون الدم في قدر شخص آخر ، فإنه لا ينبغي الشك في عدم جواز قتل العبد ، ولو كان ذلك بفعل مالك العبد ، بل يتعين كسر القدر وتخليص العبد ، غاية الامر كون ضمان القدر عليه كما أنه إن كان بفعل الغير كان الضمان عليه ، وإن كان بآفة سماوية ، كان الضرر مشتركا بينهما . ( المسألة الثالثة ) ( وهي لا تخلو من الأهمية من حيث كثرة الابتلاء بها ) ما إذا دار الامر بين تضرر شخص والاضرار بالغير من جهة التصرف في ملكه