وفيه ( أولا ) - أن الالتزام بنفي الحكم عن الفعل الصادر حال الخطأ والنسيان في حديث الرفع إنما هو للقرينة القطعية ، باعتبار أن رفع الخطأ والنسيان تكوينا مستلزم للكذب ، لوجودهما بالوجدان ، ورفع الحكم المتعلق بنفس الخطأ والنسيان مستلزم للخلف والمحال ، فان الموضوع هو المقتضي للحكم فكيف يعقل أن يكون رافعا له ، فلا مناص من الحمل على رفع للحكم المتعلق بالفعل الصادر حال الخطأ والنسيان . وهذا بخلاف المقام إذ يمكن فيه تعلق النفي بنفس الضرر في مقام التشريع ، ليكون مفاده نفى جعل الحكم الضرري على ما سيجئ بيانه قريبا إن شاء الله تعالى . و ( ثانيا ) أن نسبة الخطأ والنسيان إلي الفعل هي نسبة العلة إلى المعلول ، فيصح ان يكون النفي نفيا للمعلول بنفي علته ، فيكون المراد أن الفعل الصادر حال الخطأ والنسيان كأنه لم يصدر في الخارج أصلا ، فيرتفع حكمه لا محالة بخلاف الضرر ، فإنه معلول للفعل ومترتب عليه في الخارج ، ولم يعهد في الاستعمالات المتعارفة أن يكون النفي في الكلام متعلقا بالمعلول . وقد أريد به نفي العلة ليترتب عليه نفى الحكم المتعلق بالعلة . ولو سلم صحة هذا الاستعمال فلا ينبغي الشك في كونه خلاف الظاهر جدا ، فلا يصار إليه إلا بالقرينة القطعية . و ( ثالثا ) - أن الرفع المتعلق بالخطأ والنسيان في حديث الرفع يمكن أن يكون من قبيل القسم الثالث ، من اقسام استعمالات لا النافية للجنس ، فيكون المنفى حينئذ الحكم الثابت لهما في الشرايع السابقة ، كما يشهد به قوله صلى الله عليه وآله : ( رفع عن أمتي ) فإنه ظاهر في اختصاص الرفع بهذه الشريعة و لازمه ثبوت الحكم في الشرايع السابقة ، ولا تكون المؤاخذة على الخطأ والنسيان منافا للعدل ، حتى تستنكر في الشرايع السابقة أيضا ، فان المؤاخذة على عدم