الضرر لا ينطبق على منع المالك فضل ما له عن الغير ، إذ من الواضح أن منع المالك غيره عن الانتفاع بماله لا يعد ضررا على الغير ، غايته عدم الانتفاع به . وسيجئ أن عدم الانتفاع لا يعد ضررا . ( الثاني ) - أن النهي في هذا المورد تنزيهي قطعا ، لعدم حرمة منع فضل المال عن الغير بالضرورة ، فلا يندرج تحت كبرى قاعدة لا ضرر بجميع معانيها . ( الجهة الثالثة ) - في فقه الحديث ومعناه ، إن في هاتين الجملتين ثلاث كلمات : ( ضرر ، وضرار ، وكلمة لا ) فلنشرح كل واحدة ليعلم المراد التركيبي منها : أما الضرر فهو اسم مصدر من ضر يضر ضرا ، ويقابله المنفعة لا النفع ، كما في الكفاية ، لان النفع مصدر لا اسم مصدر ، ومقابله الضر لا الضرر ، كما في قوله تعالى : ( لا يملكون لا نفسهم ضرا ولا نفعا ) والفرق بين المصدر واسمه واضح ، فان معنى المصدر نفس الفعل الصادر من الفاعل ، ومعنى اسم المصدر هو الحاصل من المعنى المصدري . ومادة الضرر تستعمل متعدية إذا كانت مجردة ، فيقال ضره ويضره . وأما ان كانت من باب الافعال فتستعمل متعدية بالباء ، فيقال أضر به ولا يقال أضره ، وأما معنى الضرر فهو النقص في المال ، كما إذا خسر التاجر في تجارته ، أو في العرض كما إذا حدث شئ أوجب هتكه مثلا ، أو في البدن بالكيفية كما إذا اكل شيئا فصار مريضا ، أو بالكمية كما إذا قطع يده مثلا . والمنفعة هي الزيادة من حيث المال كما إذا ربح التاجر في تجارته أو من حيث العرض ، كما إذا حدث شئ أوجب تعظيمه ، أو من حيث البدن كما إذا اكل المريض دواء فعوفي منه ، وبينهما واسطة ، كما إذا لم يربح التاجر في تجارته ولم يخسر ، فلم يتحقق منفعة ولا ضرر فظهر أن التقابل بينهما من تقابل التضاد لا من تقابل العدم والملكة على ما في الكفاية