باستحقاق العقاب في هذه الموارد ، فان مسألة استحقاق العقاب وعدمه عقلية لا يعتمد فيها على الشهرة والاجماع ، مضافا إلى عدم حجية الشهرة في نفسها ، ولو في المسائل الشرعية على ما ذكر في محله ، وأن الاجماع غير محقق لعدم التعرض لها في كلمات كثير من الأصحاب ، فنلتزم بصحة العمل المأتي به بمقتضى الدليل وبعدم استحقاق العقاب في هذه الموارد . وتوضيح ذلك أن الجاهل بوجوب القصر مثلا لو صلى قصرا ، وحصل منه قصد القربة حال العمل ، فاما ان يحكم بصحة صلاته وعدم وجوب الإعادة عليه ، بعد ارتفاع جهله أو يحكم بفسادها ، ووجوب الإعادة . ( اما على الأول ) - فلا مناص من الالتزام بأن الحكم للجاهل هو التخيير بين القصر والتمام . وهذا هو الصحيح ، فيحكم بصحة القصر بمقتضى اطلاقات الأدلة الدالة على وجوب القصر علي المسافر ، غاية الامر انه يرفع اليد عن ظهورها في الوجوب التعيني بما دل على صحة التمام ، مضافا إلى استبعاد الحكم ببطلان القصر والامر بإعادة الصلاة قصرا بلا زيادة ونقصان ، ويحكم بصحة التمام أيضا ، لورود النص الخاص ، فيكون المكلف الجاهل بوجوب القصر مخيرا بين القصر والتمام وإن لم يكن ملتفتا إلى التخيير . وعليه فلا موجب لاستحقاق العقاب عند الاتيان بالتمام وترك القصر . ( واما على الثاني ) - فلا مناص من الالتزام بكون التمام واجبا تعيينيا عند الجهل بوجوب القصر ، ومعه كيف يمكن الالتزام باستحقاق العقاب على ترك القصر ، وكذا الحال في مسألة الجهر والاخفات ، فلا حاجة إلى الإعادة . ولتوضيح المقام نفرض شخصين كان كل واحد منهما جاهلا مقصرا ، فأتي أحدهما بصلاة الصبح مثلا جهرا والآخر اخفاتا ، فنحكم بصحة صلاة الثاني ، وان كانت مخالفة للواقع بمقتضى النص الخاص . وحينئذ ان حكمنا ببطلان صلاة