تقدير ثبوته في الطرف المضطر إليه قد ارتفع بالاضطرار ، والعلم المتعلق به إجمالا باق على حاله ، كما هو الحال في صورة خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء أو فقدانه أو الاتيان به ، فان العلم الاجمالي باق على حاله في جميع هذه الصور ، غاية الامر ان المعلوم بالاجمال وهو التكليف محتمل الارتفاع ، لأجل الخروج عن محل الابتلاء ، أو لأجل الفقدان أو لأجل الاتيان والامتثال ، فيجب الاجتناب عن الطرف الآخر لبقاء العلم الاجمالي وتنجز التكليف به . ولولا ما ذكرناه من بقاء العلم الاجمالي في جميع الصور المذكورة لتم النقض المذكور في كلامه . ولا يجدي الجواب عنه بأن الاضطرار من حدود التكليف ، دون الفقدان والخروج من محل الابتلاء ونحوهما ، بل التكليف في الأمثلة المذكورة منتف بانتفاء موضوعه . وذلك لما ذكرناه في الواجب المشروط من أن فعلية الحكم تدور مدار وجود الموضوع بماله من القيود و الخصوصيات ، فكما ان وجود نفس الموضوع دخيل في الحكم ، كذا كل واحد من القيود المأخوذة فيه دخيل في الحكم ، وبانتفاء كل واحد من القيود ينتفي الحكم بانتفاء موضوعه ، فلا فرق بين انتفاء ذات الموضوع كما في الفقدان أو الخروج عن محل الابتلاء ، وبين انتفاء قيده وهو عدم الاضطرار كما في محل الكلام . هذا كله حكم الصورة الأولى ، وهي ما إذا كان الاضطرار بعد التكليف وبعد العلم به ومقابلها بتمام المقابلة هي الصورة الأخيرة وهي ما إذا كان الاضطرار فيه قبل التكليف وقبل العلم به ، كما إذا اضطر إلى شرب أحد الماءين مثلا ، ثم علم بوقوع النجاسة في أحدهما بعد الاضطرار . ولا ينبغي الاشكال في عدم التنجيز في هذه الصورة ، إذ لا علم بالتكليف فيها ، لاحتمال وقوع النجاسة في الطرف المضطر إليه ، وحيث إن المفروض كون الاضطرار قبل وقوع النجاسة ، فوقوعها في الطرف المضطر إليه لا يوجب حدوث التكليف ، ووقوعها في الطرف الآخر مجرد احتمال لا مانع من الرجوع فيه إلى الأصل . ويلحق بهذه الصورة