الأنصاري ( ره ) فإنه قد استقصى في نقل كلماتهم . ومن العجيب ان هذا الكتاب بمرأى من صاحب الكفاية ( ره ) ومع ذلك أنكر منع الأخباريين عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنة . وكيف كان فتحقيق الكلام في الصغرى : ان الحكم العقلي - بمعنى إدراك العقل - يتصور على اقسام ثلاثة : ( الأول ) - ان يدرك العقل وجود المصلحة أو المفسدة في فعل من الافعال ، فيحكم بالوجوب أو الحرمة ، لتبعية الأحكام الشرعية للمصالح والمفاسد عند أكثر الامامية والمعتزلة . ( الثاني ) - أن يدرك العقل الحسن أو القبح ، كادراكه حسن الطاعة وقبح المعصية ، فيحكم بثبوت الحكم الشرعي في مورده ، لقاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع . ( الثالث ) - أن يدرك العقل أمرا واقعيا مع قطع النظر عن ثبوت شرع وشريعة ، نظير إدراكه استحالة اجتماع النقيضين أو الضدين ، ويسمى بالعقل النظري . وبضميمة حكم شرعي إليه يكون بمنزلة الصغرى يستكشف الحكم الشرعي في مورده . ( أما القسم الأول ) - فالصحيح أنه غير مستلزم لثبوت الحكم الشرعي إذ قد تكون المصلحة المدركة بالعقل مزاحمة بالمفسدة ، وبالعكس . والعقل لا يمكنه الإحاطة بجميع جهات المصالح والمفاسد والمزاحمات والموانع ، فبمجرد ادراك مصلحة أو مفسدة لا يمكن الحكم بثبوت الحكم الشرعي على طبقهما ، وهذا القسم هو القدر المتيقن من قوله عليه السلام : ( ان دين الله لا يصاب بالعقول ) وقوله عليه السلام : ( ليس شئ أبعد من دين الله عن عقول الرجال ) فان كان مراد الأخباريين من عدم حصول القطع بالحكم الشرعي من المقدمات العقلية هذا المعنى فهو الحق . و ( أما القسم الثاني ) فهو وإن كان مما لا مساغ لانكاره ، فان إدراك