الجوهر والعرض ، أم لا ؟ المقام الثاني : على تقدير تسليم أن لها وجودا فهل الحروف موضوعة لها ؟ أما الكلام في المقام الأول : فالصحيح هو أنه لا وجود لها في الخارج في قبال وجود الجوهر أو العرض وإن أصر على وجودها جماعة من الفلاسفة . والوجه في ذلك : هو أنه لا دليل على ذلك سوى البرهان المذكور وهو غير تام ، وذلك لأن صفتي اليقين والشك وإن كانتا صفتين متضادتين فلا يكاد يمكن أن تتعلقا بشئ في آن واحد من جهة واحدة ، إلا أن تحققهما في الذهن لا يكشف عن تعدد متعلقهما في الخارج ، فإن الطبيعي عين فرده ومتحد معه خارجا ومع ذلك يمكن أن يكون أحدهما متعلقا لصفة اليقين والآخر متعلقا لصفة الشك ، كما إذا علم إجمالا بوجود إنسان في الدار ولكن شك في أنه زيد أو عمرو فلا يكشف تضادهما عن تعدد متعلقيهما بحسب الوجود الخارجي ، فإنهما موجودان بوجود واحد حقيقة ، وذلك الوجود الواحد من جهة انتسابه إلى الطبيعي متعلق لليقين ، ومن جهة انتسابه إلى الفرد متعلق للشك . أو إذا أثبتنا أن للعالم مبدأ ولكن شككنا في أنه واجب أو ممكن على القول بعدم استحالة التسلسل فرضا ، أو أثبتنا أنه واجب ولكن شككنا في أنه مريد أو لا ، إلى غير ذلك ، مع أن صفاته تعالى عين ذاته خارجا وعينا ، كما أن وجوبه كذلك . وما نحن فيه من هذا القبيل فإن اليقين متعلق بثبوت طبيعي العرض للجوهر ، والشك متعلق بثبوت حصة خاصة منه له ، فليس هنا وجودان : أحدهما متعلق لليقين والآخر للشك ، بل وجود واحد حقيقة مشكوك فيه من جهة ومتيقن من جهة أخرى . تلخص : أن تضاد صفتي اليقين والشك لا يستدعي إلا تعدد متعلقهما في أفق النفس ، وأما في الخارج عنه فقد يكون متعددا وقد يكون متحدا . وإن شئت فقل : إن الممكن في الخارج : إما جوهر أو عرض ، وكل منهما زوج