responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : محاضرات في أصول الفقه نویسنده : الشيخ محمد إسحاق الفياض    جلد : 1  صفحه : 42


بطبعها أو باختيارها ، والله هو الذي أودع فيها قوة الاستكمال ، فترى الفأرة تفر من الهرة ولا تفر من الشاة [1] .
وعلى الجملة : أن مسألة الإلهام أجنبية عن تحقق معنى الوضع بالكلية ، فإن الإلهام من الأمور التكوينية الواقعية ، ولا اختصاص له بباب الوضع ، والمبحوث عنه هو معنى الوضع ، كان الوضع بإلهام إلهي أم لم يكن .
وأما الأمر الخامس : وهو استناده فيما ذكره من : أن الله تبارك وتعالى هو الواضع الحكيم ، لو تم فإنما يتم لو كان وضع الألفاظ لمعانيها دفعيا وفي زمان واحد ، إلا أن الأمر ليس كذلك ، فإن سعة دائرة الوضع وضيقها تتبع سعة دائرة الغرض وضيقها . ومن الواضح أن الغرض منه ليس إلا أن يتفاهم بها وقت الحاجة ، وتبرز بها المعاني التي تختلج في النفوس لئلا يختل نظام حياتنا المادية والمعنوية .
ومن الظاهر : أن كمية الغرض الداعي إليه تختلف سعة وضيقا بمرور الأيام والعصور . ففي العصر الأول - وهو عصر آدم ( عليه السلام ) - كانت الحاجة إلى وضع ألفاظ قليلة بإزاء معان كذلك ، لقلة الحوائج في ذلك العصر وعدم اقتضائها أزيد من ذلك ، ثم ازدادت الحوائج مرة بعد أخرى وقرنا بعد آخر ، بل وقتا بعد وقت ، فزيد في الوضع كذلك .
وعليه فيتمكن جماعة بل واحد من أهل كل لغة على وضع ألفاظها بإزاء معانيها في أي عصر وزمن ، فإن سعة الوضع وضيقه تابعان لمقدار حاجة الناس إلى التعبير عن مقاصدهم سعة وضيقا . ولما كان مرور الزمن موجبا لاتساع حاجاتهم وازديادها كان من الطبيعي أن يزداد الوضع ويتسع .
أما الذين يقومون بعملية الوضع فهم أهل تلك اللغة في كل عصر ، من دون فرق بين أن يكون الواضع واحدا منهم أو جماعة ، وذلك أمر ممكن لهم ، فإن المعاني الحادثة التي يبتلى بها في ذلك العصر إلى التعبير عنها ليست بالمقدار الذي



[1] انظر تفسير البيان : ص 527 .

42

نام کتاب : محاضرات في أصول الفقه نویسنده : الشيخ محمد إسحاق الفياض    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست