الفتوائية ، ومبحث التعادل والترجيح ، والأصول العملية : الشرعية والعقلية ، فإن البحث في جميع هذه المسائل ليس عن العوارض الذاتية لأحد الأدلة الأربعة كما هو ظاهر . فتحصل : أنه لا فرق بين هذا القول والقول الأول إلا في مسألة حجية ظواهر الكتاب وحجية العقل ، فإنهما ليستا من المسائل الأصولية على القول الأول ، وتكونان منها على هذا القول . ومن هنا التجأ شيخنا العلامة الأنصاري ( قدس سره ) إلى إرجاع البحث عن مسألة حجية خبر الواحد إلى البحث عن أحوال السنة ، وأن مرجعه إلى أن السنة - أعني : قول المعصوم أو فعله أو تقريره - هل تثبت بخبر الواحد أو لا ؟ وبذلك تدخل في مسائل أصول الفقه الباحثة عن أحوال الأدلة [1] . ويرد عليه : أنه غير مفيد ، وذلك لأنه لو أريد من الثبوت : الثبوت التكويني الواقعي - أعني : كون خبر الواحد واسطة وعلة لثبوت السنة واقعا - فهذا غير معقول ، بداهة أن خبر الواحد ليس واقعا في سلسلة علل وجودها ، وكيف يمكن أن يكون كذلك وهو حاك عنها ، والحكاية عن شئ متفرعة عليه ، وفي مرتبة متأخرة عنه ؟ على أن البحث في هذه المسألة - حينئذ - يكون عن مفاد ( كان التامة ) ، أي : عن ثبوت الموضوع ، لا عن عوارضه [2] . ولو أريد منه الثبوت التكويني الذهني - أعني : كون خبر الواحد واسطة
[1] فرائد الأصول : ج 1 ص 108 . [2] وفي تعليقته الشريفة في المقام على الأجود ماله مزيد فائدة وإليك لفظه : وأما البحث عن ثبوت السنة بالخبر بنحو مفاد كان التامة فهو وان لم يكن صحيحا في نفسه - ضرورة عدم علية الخبر للسنة خارجا - إلا أنه على تقدير صحته لا يكون داخلا في المبادئ ، بل يكون البحث بحثا عن العوارض ، فإن المبحوث عنه حينئذ ليس هو نفس الوجود والثبوت بل الثبوت بالخبر الذي هو عبارة أخرى عن معلولية السنة للخبر ، ولا ريب أن البحث عن المعلولية بحث عن العوارض . ( منه ( قدس سره ) هامش أجود التقريرات ج 1 ص 10 ) .