موضوعه وشؤونه لا يوجب انقلاب الشئ عما هو عليه من المغايرة والمباينة إلى الاتحاد بينهما وجودا . وقد ذكرنا سابقا في بحث صحة السلب : أن حمل شئ على شئ يتوقف على المغايرة من جهة والاتحاد من جهة أخرى ، بأن يكونا موجودين بوجود واحد ينسب ذلك الوجود الواحد إلى كل واحد منهما بالذات أو بالعرض ، أو إلى أحدهما بالذات والى الآخر بالعرض ، وما بالعرض لا بد أن ينتهي لا محالة إلى ما بالذات . ومن الواضح : أن العرض كما يباين الجوهر مفهوما كذلك يباينه وجودا ، ومجرد اعتباره لا بشرط بالإضافة إلى موضوعه لا يوجب اتحاده معه حقيقة وخارجا ، وهذا واضح لا ريب فيه . وثالثا : لو تم هذا فإنما يتم في المشتقات التي تكون مبادئها من المقولات التسع العرضية التي يكون وجودها في نفسها عين وجودها لموضوعاتها . ولكن قد سبق : أن النزاع لا يختص بها ، بل يعم المشتقات التي تكون مبادئها من الأمور الاعتبارية : كالملكية والزوجية وما شاكلهما ، أو من الأمور الانتزاعية : كالإمكان والوجوب والامتناع ، أو من الأمور العدمية . ومن الظاهر أن اعتبار اللابشرط في هذه المشتقات لا يجدي في شئ ، بداهة أن العدم ليس من عوارض ذات المعدوم ، وكيف يعقل اتحاده معها إذا لوحظ لا بشرط ؟ فإنه لا وجود له ليقال : إن وجوده طور من أطوار وجود موضوعه . والامتناع ليس من عوارض ذات الممتنع ، فإنه لا وجود له خارجا ليقال : إن وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه . والوجوب ليس عرضا مقوليا لذات الواجب تعالى . والإمكان ليس من عوارض ذات الممكن كالإنسان مثلا . وكذا الملكية ليست من عوارض ذات المالك أو المملوك بمعنى العرض المقولي ، ولا وجود لها خارجا ليقال : إنه ملحوظ لا بشرط ، وإن وجودها في نفسه عين وجودها لمعروضها .