فإن كان الأول لزم دخول العرض العام في الفصل كالناطق - مثلا - وهو محال ، لأن الشئ عرض عام فيستحيل أن يكون مقوما للجوهر النوعي ، لأن مقومه ذاتي له ، والعرض العام خارج عنه . وإن كان الثاني لزم انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية ، فإن جملة " الإنسان ضاحك " قضية ممكنة ، إذ الضحك بماله من المعنى ممكن الثبوت للإنسان ، فلو كان الإنسان الذي هو مصداق الشئ مأخوذا فيه لكان صدقه على الإنسان ضروريا لا محالة ، لأنه من ثبوت الشئ لنفسه . وأجاب عنه صاحب الكفاية [1] ( قدس سره ) وجماعة من الفلاسفة المتأخرين ، منهم : السبزواري في حاشيته على منظومته [2] : أن الناطق فصل مشهوري وليس بفصل حقيقي ليكون مقوما للجوهر النوعي ، وذلك لتعذر معرفة حقائق الأشياء وفصولها الحقيقية ، وعدم إمكان وصول أحد إليها ما عدا الباري عز وجل . ومن هنا وضعوا مكانه ما هو لازمه وخاصته ، ليشيروا به إليه ، فالناطق ليس بفصل حقيقي للإنسان ، بل هو فصل مشهوري وضع مكانه . والوجه فيه : هو أن النطق المأخوذ في مفهوم الناطق : إن أريد به النطق الظاهري الذي هو خاصة من خواص الإنسان فهو كيف مسموع ، فلا يعقل أن يكون مقوما للجوهر النوعي . وإن أريد به الإدراك الباطني - أعني : إدراك الكليات - فهو كيف نفساني ، وعرض من أعراض الإنسان أيضا ، فكيف يكون مقوما له ؟ فإن العرض إنما يعرض الشئ بعد تقومه بذاته وذاتياته ، وتحصله بفصله . ومما يدل على هذا : أنهم جعلوا الناهق فصلا للحمار ، والصاهل فصلا للفرس ، وكلاهما كيف مسموع ، فلا يعقل أن يقوم الجوهر النوعي به . ومن هنا ربما يجعلون لازمين وخاصتين مكان فصل واحد ، فيقولون :