ذلك ادعى منصب الخلافة من الله تعالى لم تقبل دعواه ، لأجل أن الناس لا يرونه قابلا لأن يتصدى هذا المنصب الإلهي ، بل يعتقدون أن الله تعالى لا يجعله خليفة لهم . فإن الخليفة هو ممثل من قبله تعالى ، والممثل من قبله لا بد أن يكون مثالا روحيا للبشر ، ومربيا لهم في سيرته ، وداعيا إلى الله تعالى بأخلاقه وأعماله ، ليكون أثره أثرا طيبا وساميا في النفوس . وهذا كنبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) وأوصيائه الأطيبين ( عليهم السلام ) . وليس معنى هذا اعتبار العصمة قبل الخلافة ليقال : إنها لا تعتبر قبلها ، بل من جهة أن الخلافة لعلو شأنها وجلالة قدرها ومكانتها لا بد أن يكون المتصدي لها مثالا أعلى للمجتمع الإنساني في علو الشأن وجلالة القدر والمكانة . فمن عبد الوثن في زمن معتد به كيف يكون أهلا لذلك ؟ وكيف يجعله الله تعالى ممثلا وهاديا للأمة ؟ والحال أنه كغيره من أفراد الأمة ، ولا امتياز له عن البقية في شئ . وهذا مما تستدعيه مناسبة الحكم والموضوع . ويؤكده أمران آخران أيضا : الأول : نفس إطلاق الحكم في الآية المباركة ، فإن الإتيان بصيغة المضارع وهي كلمة " لا ينال " بلا تقييدها بوقت خاص يدل على عدم اختصاص الحكم بزمن دون زمن ، وأنه ثابت أبدا لمن تلبس بالظلم ولو آنا ما . الثاني : قد ورد في عدة من الروايات [1] النهي عن الصلاة خلف المحدود
[1] منها : حسنة زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في حديث قال : " قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لا يصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا ، والأعرابي لا يؤم المهاجرين " ( 1 ) . ( 1 ) وسائل الشيعة : ج 8 ص 325 ب 15 من أبواب صلاة الجماعة ح 6 . ومنها : صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنه قال : " خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة : الأبرص والمجذوم وولد الزنا ، والأعرابي حتى يهاجر ، والمحدود " ( 1 ) . وما شاكلهما من الروايات . ( 1 ) المصدر السابق : ص 324 ح 3 .