ومن هنا ظهر حال بعض محمولات علم الأصول أيضا : كحجية خبر الواحد ، والإجماع المنقول ، وظواهر الكتاب ، وأحد الخبرين المتعارضين في هذا الحال ونحوها ، فإنها من الأمور الاعتبارية حقيقة وواقعا ، بل البراءة والاحتياط الشرعيان أيضا من هذا القبيل . نعم ، محمولات مثل مباحث الألفاظ والاستلزامات العقلية والبراءة والاحتياط العقليين ليست من الأمور الاعتبارية في اصطلاح الأصوليين وإن كانت كذلك في اصطلاح الفلاسفة ، فإن المصطلح عندهم : إطلاق الأمر الاعتباري على الأعم منه ومن الأمر الانتزاعي : كالإمكان والامتناع ونحوهما . والمصطلح عند الأصوليين : إطلاق الأمر الاعتباري في مقابل الأمر الانتزاعي الواقعي . إذا عرفت ذلك فأقول : لو سلم ترتب الغرض الواحد على نفس مسائل العلم الواحد فلا يكاد يعقل أن يكشف عن جامع واحد مقولي بينها ليقال : إن ذلك الجامع الواحد يكشف عن جامع كذلك بين موضوعاتها بقاعدة السنخية والتطابق ، ضرورة أنه كما لا يعقل وجود جامع مقولي بين الأمر الاعتباري والأمر التكويني كذلك لا يعقل وجوده بين أمرين اعتباريين ، أو أمور اعتبارية ، فإنه لو كان بينها جامع لكان من سنخها ، لا من سنخ الأمر المقولي ، فلا كاشف عن أمر وحداني مؤثر في الغرض الواحد ، فإن التأثير والتأثر إنما يكونان في الأشياء المتأصلة : كالمقولات الواقعية من الجواهر والأعراض . ورابعا أن موضوعات مسائل علم الفقه على انحاء مختلفة : فبعضها من مقولة الجوهر : كالماء والدم والمني ، وغير ذلك . ونحو من مقولة الوضع : كالقيام والركوع والسجود ، وأشباه ذلك . وثالث من مقولة الكيف المسموع : كالقراءة في الصلاة ، ونحوها . ورابع من الأمور العدمية : كالتروك في بابي الصوم والحج وغيرهما .