وعلى القول بالأعم لا مانع من التمسك بالإطلاق في هذه الموارد أيضا . وأما الكلام في المقام الثاني فيتضح الحال فيه مما حققناه [1] في المقام الأول . وملخصه : هو أنا لا نعقل للمسبب في باب المعاملات معنى ما عدا الاعتبار النفساني القائم بالمعتبر بالمباشرة . ومن الظاهر أن المسبب بهذا المعنى يتصف بالصحة والفساد ، فإن الاعتبار إذا كان من أهله - وهو البالغ العاقل - فيتصف بالصحة حتى عند العقلاء . وإذا كان من غير أهله - وهو المجنون أو الصبي غير المميز - فيتصف بالفساد كذلك . نعم ، لو كان صادرا من الصبي المميز فيتصف بالصحة عند العقلاء ، وبالفساد عند الشارع . وعلى الجملة : فكما أن الصيغة تتصف بالصحة والفساد فيقال : الصيغة العربية صحيحة وغير العربية فاسدة ، أو الصادرة عن البالغ العاقل صحيحة ومن غيره فاسدة فكذلك الاعتبار ، فيقال : إن الاعتبار الصادر عن العاقل صحيح وعن غيره فاسد . وعليه فلا أصل لما ذكروه من أن المعاملات لو كانت أسامي للمسببات لم تتصف بالصحة والفساد ، بل تتصف بالوجود والعدم ، فإن هذا إنما يتم لو كان المسبب عبارة عن الإمضاء الشرعي ، فإنه غير قابل لأن يتصف بالصحة والفساد ، بل هو إما موجود أو معدوم ، وكذا لو كان عبارة عن إمضاء العقلاء فإنه لا يقبل الاتصاف بهما ، فإما أن يكون موجودا أو معدوما ، إلا أن المسبب هنا ليس هو الإمضاء الشرعي أو العقلائي ، ضرورة أن المعاملات من العقود والإيقاعات أسام للأفعال الصادرة عن آحاد الناس . فالبيع - مثلا - اسم للفعل الصادر عن البائع ، والهبة : اسم للفعل الصادر عن الواهب ، وهكذا . . ، ومن الواضح أنها أجنبية عن مرحلة الإمضاء رأسا . نعم ، إنها قد تقع موردا للامضاء إذا كانت واجدة للشرائط من حيث الاعتبار ، أو مبرزه ،
[1] راجع بحث المقام الثاني : في المعاملات ، المقام الأول ص 207 .