وعلى ضوء ذلك قد ظهر الجواب عن الإيراد الثاني أيضا ، فإن لفظ " الصلاة " موضوع لمعنى وسيع جامع لجميع مراتب الأركان على اختلافها كما وكيفا ، وله عرض عريض ، فباعتباره يصدق على الناقص والتام والقليل والكثير على نحو واحد ، كصدق كلمة " الدار " على جميع أفرادها المختلفة زيادة ونقيصة كما وكيفا ، إذا لا نحتاج إلى تصوير جامع بين الأركان ليعود الإشكال . وبتعبير واضح : أن الأركان وإن كانت تختلف باختلاف حالات المكلفين - كما أفاده شيخنا الأستاذ [1] - ( قدس سره ) إلا أنه لا يضر بما ذكرناه : من أن لفظ " الصلاة " موضوع بإزاء الأركان بعرضها العريض ، ولا يوجب علينا تصوير جامع بين مراتبها المتفاوتة فإنه موضوع لها كذلك على سبيل البدل ، وقد عرفت : أنه لا مانع من أن يكون مقوم المركب الاعتباري أحد الأمور على سبيل البدل . ومن ذلك يتبين : أن ما ذكرناه غير مبني على جواز التشكيك في الماهية أو في الوجود ، فإنه سواء أقلنا به في الماهية أو الوجود أم لم نقل فما ذكرناه أمر على طبق المرتكزات العرفية في أكثر المركبات الاعتبارية . وأما ما أفاده [2] ( قدس سره ) : من أن إدراك التشكيك في الوجود أمر فوق إدراك البشر فلا يعلم إلا بالكشف والمجاهدة ، ففساده غني عن البيان ، كما لا يخفى على أهله . وبما ذكرناه يظهر فساد الإيراد الثالث أيضا ، وذلك لأن الأركان قد يصدق عليها الصلاة الصحيحة فكيف يمنع عن صدق الصلاة عليها حتى على الأعم ؟ فلو كبر المصلي [3] ونسي جميع الأجزاء والشرائط غير الأركان والوقت والقبلة حتى فرغ منها يحكم بصحة صلاته بلا إشكال ، ولم يستشكل في ذلك أحد من الفقهاء .
[1] راجع فوائد الأصول : ج 1 ص 75 . [2] أجود التقريرات : ج 1 ص 42 . [3] في هامش أجود التقريرات ص 41 : ( ومن هنا لو كبر المصلي لصلاة الوتر ) .