والوجه في ذلك : هو أن معنى كل مركب اعتباري لا بد أن يعرف من قبل مخترعه ، سواء أكان ذلك المخترع هو الشارع المقدس أم غيره . وعليه فقد استفدنا من النصوص ( 1 ) الكثيرة : أن حقيقة الصلاة التي يدور صدق عنوان الصلاة مدارها وجودا وعدما : عبارة عن التكبيرة والركوع والسجود ، والطهارة من الحدث على ما سنتكلم ( 2 ) فيها عن قريب إن شاء الله تعالى . وأما بقية الأجزاء والشرائط فهي عند وجودها داخلة في المسمى ، وعند عدمها خارجة عنه وغير مضرة بصدقه ، وهذا معنى : كون الأركان مأخوذة لا بشرط بالقياس إلى دخول الزائد ، وقد عرفت : أنه لا مانع من الالتزام بذلك في الماهيات الاعتبارية ، وكم له من نظير . وإن شئت فقل : إن المركبات الاعتبارية أمرها - سعة وضيقا - بيد معتبرها ، فقد يعتبر التركيب بين أمرين أو أمور بشرط لا كما في الأعداد . وقد يعتبر التركيب بين أمرين أو أزيد لا بشرط ، بالإضافة إلى دخول الزائد ، كما هو الحال في كثير من تلك المركبات ، فالصلاة من هذا القبيل فإنها موضوعة للأركان فصاعدا . ومما يدل على ذلك : هو أن إطلاقها على جميع مراتبها المختلفة كما وكيفا على نسق واحد بلا لحاظ عناية في شئ منها ، فلو كانت الصلاة موضوعة للأركان بشرط لا فلم يصح إطلاقها على الواجد لتمام الأجزاء والشرائط بلا عناية ، مع أنا نرى - وجدانا - عدم الفرق بين إطلاقها على الواجد ، وإطلاقها على الفاقد أصلا . وقد تلخص من ذلك : أن دخول شئ واحد في ماهية مركبة مرة وخروجه عنها مره أخرى إنما يكون مستحيلا في الماهيات الحقيقية دون المركبات الاعتبارية .
( 1 و 2 ) سيأتي ذكرها ضمن التذييل في ص 184 فانتظر .