الاستعمال هل هو استعمال حقيقي أو مجازي ؟ أو لا هذا ولا ذاك ؟ وجهان ، بل قولان : فقد اختار المحقق صاحب الكفاية ( قدس سره ) الاحتمال الأخير ، بدعوى : أنه لا يكون من الاستعمال الحقيقي ، من جهة أن الاستعمال الحقيقي استعمال اللفظ في المعنى الموضوع له ، والمفروض : أنه لا وضع قبل هذا الاستعمال ليكون الاستعمال استعمالا فيه . وأما أنه لا يكون من الاستعمال المجازي فلأجل أن الاستعمال المجازي استعمال اللفظ في المعنى المناسب للمعنى الموضوع له ، والمفروض : أنه لا وضع قبل هذا الاستعمال ، ومعه لا يعقل المجاز ، فانحصر أن لا يكون ذلك الاستعمال حقيقيا ولا مجازيا . وقد ذكرنا : أن صحة الاستعمال لا تدور مدار كونه حقيقيا أو مجازيا ، بل صح الاستعمال بدون أن يكون متصفا بأحدهما إذا كان حسنا عند الطبع ، وقد عرفت : أن إطلاق اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله من هذا القبيل [1] . هذا محصل ما أفاده ( قدس سره ) . وقد ظهر مما حققناه سابقا [2] : أن الإطلاقات المذكورة ليست من قبيل الاستعمال في شئ على تفصيل تقدم . كما أنه قد تبين مما ذكرناه الآن : أن هذا الاستعمال استعمال حقيقي وفي المعنى الموضوع له . بيانه : هو أنك عرفت [3] أن الوضع في مرتبة متقدمة على الاستعمال على جميع المسالك في تفسير الوضع ، وعليه فالوضع يحصل قبل الاستعمال ، فإذا كان
[1] كفاية الأصول : ص 36 . [2] راجع الأمر السادس في إطلاق اللفظ وإرادة نوعه . [3] تقدم في ص 47 وما بعدها فراجع .