في الجملة عبارة عن استعمال لفظ خاص في معنى مخصوص في موارد مختلفة بمحمولات عديدة ، مع إلغاء جميع ما يحتمل أن يكون قرينة على إرادة المجاز ، فهذه طريقة عملية لتعليم اللغات الأجنبية واستكشاف حقائقها العرفية . توضيح ذلك : هو أن من جاء من بلد إلى بلد آخر لا يعرف لغاتهم إذا تصدى لتعليم اللغة السائرة في هذا البلد رأى أن أهل البلد يطلقون لفظا ويريدون به معنى ، ويطلقون لفظا آخر ويريدون به معنى آخر ، وهكذا . . . ، ولكنه لا يعلم أن هذه الإطلاقات من الإطلاقات الحقيقية أو المجازية ، فإذا رأى أنهم يطلقون هذه الألفاظ ويريدون بها تلك المعاني في جميع الموارد حصل له العلم بأنها معان حقيقية ، لأن جواز الاستعمال معلول لأحد أمرين : إما الوضع ، أو القرينة . وحيث فرض انتفاء القرينة من جهة الاطراد فلا محالة يكون مستندا إلى الوضع . مثلا : إذا رأى أحد أن العرب يستعملون لفظ " الماء " في معناه المعهود ولكنه شك في أنه من المعاني الحقيقية أو من المعاني المجازية فمن إلغاء ما يحتمل أن يكون قرينة من جهة الاطراد علم بأنه من المعاني الحقيقية ، ولا يكون فهمه منه مستندا إلى قرينة حالية أو مقالية . وبهذه الطريقة - غالبا - يتعلم الأطفال والصبيان اللغات والألفاظ . فقد تحصل من ذلك : أن الاطراد بهذا التفسير الذي ذكرناه علامة لإثبات الحقيقة ، بل إن هذا هو السبب الوحيد لمعرفة الحقيقة غالبا ، فإن تصريح الواضع وإن كان يعلم به الحقيقة إلا أنه نادر جدا . حول الحقيقة الشرعية وأما التبادر : فهو وإن كان يثبت به الوضع - كما عرفت - إلا أنه لا بد من أن يستند إلى العلم بالوضع : إما من جهة تصريح الواضع ، أو من جهة الاطراد ، والأول نادر ، فيستند إلى الثاني لا محالة .