وبتعبير آخر : أن الجمل الإنشائية وإن كانت مما يتوقف عليها فعلية تلك الاعتبارات وتحققها خارجا ولكن لا بما أنها ألفاظ مخصوصة ، بل من جهة أنها استعملت في معانيها . على أن في كل مورد من موارد الإنشاء ليس فيه اعتبار من العقلاء أو من الشرع ، فإن في موارد إن شاء التمني والترجي والاستفهام ونحوها ليس أي اعتبار من الاعتبارات ، لا من الشارع ولا من العقلاء حتى يتوصل بها إلى ترتبه في الخارج . إذا عرفت ذلك فنقول : قد ظهر مما قدمناه : أن الجملة الإنشائية - بناء على ما بيناه من أن الوضع عبارة عن التعهد والالتزام النفساني - موضوعة لإبراز أمر نفساني خاص ، فكل متكلم متعهد بأنه متى ما قصد إبراز ذلك يتكلم بالجملة الإنشائية ، مثلا : إذا قصد إبراز اعتبار الملكية يتكلم بصيغة بعت أو ملكت ، وإذا قصد إبراز اعتبار الزوجية يبرزه بقوله : زوجت أو أنكحت ، وإذا قصد إبراز اعتبار كون المادة على عهدة المخاطب يتكلم بصيغة " إفعل " ونحوها ، وهكذا . . . ومن هنا قلنا : إنه لا فرق بينها وبين الجملة الخبرية في الدلالة الوضعية والإبراز الخارجي ، فكما أنها مبرزة لاعتبار من الاعتبارات : كالملكية والزوجية ونحوهما فكذلك تلك مبرزة لقصد الحكاية والإخبار عن الواقع ونفس الأمر . أسماء الإشارة والضمائر فتحصل مما ذكرناه : أنه لا وجه لما ذكره المحقق صاحب الكفاية ( قدس سره ) : من أن طبيعي المعنى في الإنشاء والإخبار واحد ، وإنما الاختلاف بينهما من ناحية الداعي إلى الاستعمال [1] . فإنك عرفت اختلاف المعنى فيهما ، فإنه في الجملة الخبرية شئ ، وفي الجملة الإنشائية شئ آخر . ومما يؤكد ما ذكرناه : أنه لو كان معنى الإنشاء والإخبار واحدا بالذات