وألفاظ بلا معنى ، وكلا الأمرين غير ممكن ، فيتعين الأول . ما هو المتنازع فيه في المشتق ؟ إن كلامنا في مسألة المشتق ، والغرض من البحث عنها : إنما هو معرفة مفهومه ومعناه سعة وضيقا ، كما هو الحال في سائر المباحث اللفظية ، بمعنى : أنه موضوع لمفهوم وسيع منطبق على المتلبس والمنقضي معا ، أو لمفهوم ضيق لا ينطبق إلا على المتلبس فقط . وأما تطبيق هذا المفهوم على موارده وإسناده إليها هل هو بنحو الحقيقية أو المجاز ؟ فهو خارج عن محل الكلام . فإن الإسناد إن كان إلى ما هو له فهو حقيقة ، وإن كان إلى غير ما هو له فهو مجاز . ولا يلزم مجاز في الكلمة في موارد الادعاء والإسناد المجازي ، فإن الكلمة فيها استعملت في معناها الحقيقي ، والتصرف ، إنما هو في الإسناد والتطبيق . مثلا : لو قال : " زيد أسد " فلفظ " الأسد " استعمل في معناه الموضوع له وهو الحيوان المفترس ، فيكون حقيقة ، ولكن في تطبيقه على زيد لوحظ نحو من التوسعة والعناية ، فيكون التطبيق مجازا . وأوضح من ذلك موارد الخطأ ، فإذا قيل : " هذا زيد " ثم بان أنه " عمرو " فلفظ " زيد " ليس بمجاز ، لأنه استعمل في ما وضع له ، والخطأ إنما هو في التطبيق ، وهو لا يضر باستعماله فيه ، أو قيل : " هذا أسد " ثم بان أنه حيوان آخر ، أو إذا رأى أحد شبحا من بعيد وتخيل أنه إنسان فقال : " هذا إنسان " ثم ظهر أنه ليس بإنسان ، وهكذا . . . ، فاللفظ في أمثال هذه الموارد استعمل في معناه الموضوع له ، والتوسع إنما هو في التطبيق والإسناد إما ادعاء وتنزيلا ، أو خطأ وجهلا ، وكذا المشتقات ، فإن كلمة " الجاري " في مثل قولنا : " النهر جار " أو : " الميزاب جار " قد استعملت في معناها الموضوع له ، وهو المتلبس بالجريان ، والمجاز إنما هو في