كما تقدم [1] كذلك اعتبار بشرط لا لا يجدي مع الاتحاد حقيقة ، ولا يوجب انقلاب الشئ عما كان عليه ، لأن الاتحاد ليس بالاعتبار لينتفي باعتبار طارئ آخر ، بل المراد هنا : هو أن اعتبار لا بشرط اعتبار موافق لحيثية لها مطابق في الواقع ، واعتبار بشرط لا اعتبار موافق لحيثية أخرى لها مطابق فيه أيضا ، لا أن الواقع ينقلب عما هو عليه بالاعتبار . الثاني : أن لهم دعويين : الأولى : أن مفهوم المشتق بسيط ذاتا وحقيقة ، ولا فرق بينه وبين مفهوم المبدأ بالذات ، وإنما الفرق بينهما بالاعتبار واللحاظ . الثانية : أن اعتبار لا بشرط يصحح الحمل ، فالمبدأ إذا لوحظ لا بشرط فهو مشتق وعرضي ، ويصح حمله على موضوعه . وإن اعتبر بشرط لا فهو عرض فلا يصح ، كما هو الحال في الجنس والفصل ، والمادة والصورة . ولا يخفى ما في كلتا الدعويين : أما الدعوى الأولى : فلما ذكرناه سابقا : من أن مفهوم المشتق مركب من ذات لها المبدأ ، وقد أثبتناه بالوجدان والبرهان ، وناقشنا في جميع ما يستدل على البساطة واحدا بعد واحد على ما تقدم [2] . ثم لو فرضنا أن مفهوم المشتق بسيط فلا مناص من الالتزام بكونه غير مفهوم المبدأ ، ومباينا له ذاتا ، وذلك لما عرفت من استحالة حمل مفهوم المبدأ على الذات في حال من الحالات ، وضرورة صحة حمل المشتق بماله من المفهوم عليها في كل حال ، ونتيجة ذلك : أن مفهوم المشتق على تقدير تسليم أن يكون بسيطا فلا محالة يكون مباينا لمفهوم المبدأ بالذات .
[1] راجع ص 311 من هذا الكتاب . [2] راجع ص 298 - 308 .