وقد عرفت أن المعتبر في جريان الاستصحاب أمران : اليقين السابق ، والشك اللاحق مع وحدة متعلقهما في الخارج ، والشك في مقامنا غير موجود ، فإن تلبس زيد - مثلا - بالمبدأ سابقا وانقضاء المبدأ عنه فعلا كلاهما متيقن ، فلا شك في شئ ، وإنما الشك في وضع المشتق وبقاء الحكم . أما بالنسبة إلى وضع المشتق فقد عرفت أنه لا أصل يرجع إليه في تعيين مفهوم اللفظ ووضعه سعة أو ضيقا . وتوهم جريان الأصل في بقاء الموضوع بوصف موضوعيته فإنه مشكوك فيه مدفوع : بأنه عبارة أخرى عن جريان الأصل في بقاء الحكم ، وقد عرفت عدم جريانه فيه . فالنتيجة : أن الاستصحاب في الشبهات المفهومية ساقط ولو قلنا بجريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية فيما إذا كان الشك في سعة المجعول وضيقه . وقد أشار شيخنا العلامة الأنصاري ( قدس سره ) في آخر بحث الاستصحاب [1] في مسألة اشتراط بقاء الموضوع فيه إلى هذا المعنى ، وهو : عدم جريان الاستصحاب في موارد الشبهات المفهومية . فقد أصبحت النتيجة : أن المرجع في كلا الموردين هو أصل البراءة . فما ذكره المحقق صاحب الكفاية [2] ( قدس سره ) من الفرق بين الموردين وأن المرجع في المورد الثاني هو الاستصحاب دون البراءة غير صحيح . نستنتج مما ذكرناه حول المشتق لحد الآن عدة أمور : الأول : أن محل البحث لا يعم جميع المشتقات ، بل يخص بعضها ويعم بعض أصناف الجوامد ، وهو ما كان مفهومه منتزعا عن أمر خارج مقام ذاته . الثاني : أن ملاك دخول شئ في محل البحث أن يكون واجدا لركيزتين :
[1] انظر فرائد الأصول : ج 2 ص 691 . [2] كفاية الأصول : ص 63 .