هو ما ذكرناه : من أنه يجوز الاستعمال في أكثر من معنى واحد بلا فرق في ذلك بين التثنية والجمع وبين المفرد . نعم ، هو خلاف الظهور العرفي . ثم إن المحقق صاحب الكفاية ( قدس سره ) بعد ما منع عن جواز الاستعمال في المعنيين قال : وهم ودفع ، لعلك تتوهم أن الأخبار الدالة على أن للقرآن بطونا سبعة أو سبعين تدل على وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد فضلا عن جوازه . ولكنك غفلت عن أنه لا دلالة لها أصلا على أن إرادتها كانت من باب إرادة المعنى من اللفظ ، فلعلها كانت بإرادتها في أنفسها حال الاستعمال في المعنى ، لا من اللفظ كما إذا استعمل فيها . أو كان المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فيه اللفظ وإن كان أفهامنا قاصرة عن إدراكها [1] . انتهى . ويرده : أنه لو كان المراد من البطون ما ذكره ( قدس سره ) أولا لم يكن ذلك موجبا لعظمة القرآن على غيره ولفضيلته على سائر المحاورات ، لإمكان أن يراد المعاني بأنفسها حال التكلم بالألفاظ في غير المحاورات القرآنية ، بل يمكن إرادتها كذلك حال التكلم بالألفاظ المهملة فضلا عن الألفاظ الموضوعة ، فمن هذه الجهة لا فرق بين الكتاب وغيره ، بل لا فرق بين اللفظ المهمل والموضوع فالكل سواء ، ولا فضل لأحدهما على الآخر . على أن لازم ذلك أن لا تكون البطون بطونا للقرآن ومعاني له ، بل كانت شيئا أجنبيا عنه ، غاية الأمر أنها أريدت حال التكلم بألفاظه ، وكلا الأمرين مخالف لصريح الروايات المشتملة على البطون ، فهي كما نطقت بإثبات الفضيلة والعظمة للقرآن على غيره من جهة اشتماله على ذلك كذلك نطقت بإضافة تلك البطون إليه ، وأنها معان للقرآن لا أنها شئ أجنبي عنه . منها : " ما في القرآن آية إلا ولها ظاهر ، ظهر وبطن . . . إلى آخره " [2] .
[1] كفاية الأصول : ص 55 . [2] بحار الأنوار : ج 92 ص 78 ب 8 كتاب القرآن ح 47 .